ووقع في الجمع للحميديّ:"اجتمعا على خير"، قال الحافظ: ولم أر ذلك في شيء من نسخ "الصحيحين"، ولا غيرهما من "المستخرجات"، وهي عندي تحريف.
[تنبيه]: عُدّت هذه الخصلة واحدة، مع أن متعاطيها اثنان؛ لأن المحبة لا تتم إلا باثنين، أو لما كان المتحابان بمعنى واحد، كان عدّ أحدهما مغنيًا عن عدّ الآخر؛ لأن الغرض عدّ الخصال، لا عدّ جميع من اتصف بها.
(وَ) الخامس (رَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ) أي عَرَضت نفسها عليه للفاحشة بها، و"المنصب" -بكسر الصاد المُهملة-: الأصل، أو الشرف، وفي رواية مالك:"دعته ذات حسب"، وهو يطلق على الأصل، وعلى المال أيضًا، وقد وصفها بأكمل الأوصاف، التي جرت العادة بمزيد الرغبة لمن تحصل فيه، وهو المنصب الذي يستلزمه الجاه والمال مع الجمال، وقلّ من يجتمع ذلك فيها من النساء، قاله في "الفتح".
وقال النوويّ: وخصّ ذات الجمال؛ لكثرة الرغبة فيها، وعسر حصولها، وهي جامعة للمنصب والجمال، لا سيما وهي داعية إلى نفسها طالبة لذلك، قد أغنت عن مشاقّ التوصل إلى مراودة ونحوها، فالصبر عنها لخوف الله تعالى، وقد دعت إلى نفسها مع جمعها المنصب والجمال من أكمل المراتب، وأعظم الطاعات، فرتّب الله تعالى عليه أن يُظلّه، وذات المنصب هي ذات الحسب، والنسب الشريف. انتهى (١).
ومُتعلَّق "دعته" محذوف في رواية المصنّف، وقد ذكره في رواية النسائيّ بقوله:"إِلَى نَفْسِهَا"، وفي رواية البيهقي في "الشعب"، من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة:"فعرضت نفسها عليه"، والظاهر أنها دعته إلى الفاحشة، وبه جزم القرطبي، ولم يحك غيره، وقال بعضهم: يَحْتَمِل أن تكون دعته إلى التزوج بها، فخاف أن يشتغل عن العبادة بالافتتان بها، أو خاف أن لا يقوم بحقها؛ لشغله بالعبادة عن التكسب بما يليق بها، والأول أظهر، ويؤيده وجود الكناية في قوله:"إلى نفسها"، ولو كان المراد التزويج لصرّح به، والصبر عن الموصوفة بما ذُكر من أكمل المراتب؛ لكثرة الرغبة في مثلها، وعسر تحصيلها،