(وَلَا سَائِلٍ) أي غير طالب له، قال النوويّ رحمهُ اللهُ: فيه النهي عن السؤال، وقد اتفق العلماء على النهي عنه لغير الضرورة، واختُلف في مسألة القادر على الكسب، والأصحّ التحريم، وقيل: يباح بثلاثة شروط: أن لا يُذِلّ نفسه، ولا يُلحّ في السؤال، ولا يؤذي المسؤول، فإن فُقد شرط من هذه الشروط، فهي حرام بالاتفاق. انتهى، وسيأتي تمام البحث في هذه المسألة قريبًا -إن شاء الله تعالى-.
(فَخُذْهُ) أي وجوبًا على ما قاله بعضهم؛ عملًا بظاهر الأمر، وهو الأظهر، أو استحبابًا على ما عليه الجمهور، كما سيأتي تحقيقه في المسألة الرابعة -إن شاء الله تعالى-.
(وَمَا لَا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ) مِن أَتْبع مخفّفًا؛ أي ما لم يُؤْتِك الله بالشرط المذكور، فلا تجعل نفسك تابعةً له، ناظرةً إليه؛ لأجل أن يحصل عندك.
وقال النوويّ رحمهُ اللهُ: معناه: ما لم يوجد فيه هذا الشرط لا تُعلّق النفس به. انتهى.
وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: أي لا تعلّقها، ولا تُطمعها في ذلك، فإذا فعلت ذلك بها سكنت، ويئست. انتهى.
وفيه إشارة إلى أن الْمَدَار على عدم تعلّق النفس بالمال، لا على عدم أخذه وردّه على المعطي، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عمر -رضي الله عنه- هذا متّفق عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٣٨/ ٢٤٠٥ و ٢٤٠٦ و ٢٤٠٧ و ٢٤٠٨ و ٢٤٠٩، (١٠٤٥)، و (البخاريّ) في "الزكاة"(١٤٧٣) و"الأحكام"(٧١٦٤)، و (أبو داود) في "الزكاة"(١٦٤٧) و"الخراج"(٢٩٤٤)، و (النسائيّ) في "الزكاة"(٢٦٠٤ و ٢٦٠٥ و ٢٥٠٦ و ٢٦٠٧ و ٢٦٠٨) وفي "الكبرى" (٢٣٨٥ و ٢٣٨٦ و ٢٣٨٧