للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وإسناد الإنبات إلى الربيع مجازيّ؛ إذ المنبت في الحقيقة هو الله تعالى، وهذا الكلام كلّه وقع كالمثل للدنيا، وقد وقع التصريح بذلك في مرسل سعيد المقبريّ (١).

(يَقْتُلُ حَبَطًا) -بفتح الحاء المهملة، والموحّدة، والطاء المهملة أيضًا-: هو انتفاخ البطق من كثرة الأكل، يقال: حَبِطَتِ الإبلُ تَحْبَطُ حَبَطًا، من باب تَعَبَ: إذا أصابت مَرْعًى طيّبًا، فأمعنت في الأكل، حتى تنتفخ، فتموت، وذلك أن الربيع يُنبت أحرار العشب، فتستكثر منها الماشية (٢).

قال في "الفتح": وروي بالخاء المعجمة، من التخبّط، وهو الاضطراب، والأول المعتمد. انتهى.

(أَوْ يُلِمُّ) بضم أوله، وكسر ثانية، من الإلمام، وهو القرب؛ أي يقارب القتل.

(إِلَّا) -بكسر الهمزة، تشديد اللام- على الاستثناء، وهذا هو المشهور الذي قاله الجمهور، من أهل الحديث، واللغة، وغيرهم، قال القاضي عياض: ورواه بعضهم "أَلَا" بفتح الهمزة، وتخفيف اللام، على الاستفتاح (٣).

(آكِلَةَ الْخَضِرِ) -بالمدّ، وكسر الكاف- بصيغة اسم الفاعل، منصوب على الاستثناء المتّصل، والمستثنى منه محذوف؛ أي يَقْتُلُ كلَّ آكلة، إلا آكلة الْخَضِر، ويَحْتَمِل أن يكون الاستثناء منقطعًا، بمعنى "لكن"، و"آكلة" مبتدأ محذوف الخبر؛ أي لكن آكلة الْخَضِر تنتفع بأكلها، فإنها تأخذ الكلأ على الوجه الذي ينبغي.

وأما ما قاله بعضهم من أن الاستثناء مفرغّ في الإثبات، فضعيف؛ لأن الاستثناء المفرّغ لا يقع في الإثبات، إلا على رأي ضعيف، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

قال في "الكاشف": قال البيضاويّ: والاستثناء مفرغّ، و"آكلةَ" منصوب على أنه مفعول "يَقْتُلُ"، والأصل: إن مما يُنبت الربيع ما يَقْتُلُ آكله إلا آكل


(١) راجع: "الفتح" ١٣/ ٢٥.
(٢) "الكاشف" ١٠/ ٣٢٧٥ - ٣٢٧٦.
(٣) "شرح مسلم للنوويّ" ٧/ ١٤٣.