للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الطيبيّ رحمهُ اللهُ: قوله: "فمن أخذه بحقّه" أي باحتياجه، وحلّه، "ووضعه في حقّه" بأن أخرج منه حقّه الواجب فيه شرعًا كالزكاة، فنعم المعين هو لصاحبه، يبلغ به الخير، وينجو به من الشرّ.

قال الشيخ أبو حامد: مثال المال مثال الحيّة التي فيها ترياق نافع، وسمّ ناقعٌ، فإن أصابها المغرم الذي يعرف وجه الاحتراز عن شرّها، وطريق استخراج ترياقها النافع كانت نعمة عليه، وإن أصابها السواديّ الغبيّ، فهي عليه بلاء مُهلك. انتهى (١).

(يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ) بالبناء للمفعول؛ أي يجعل الله تعالى البركة في ذلك المال، وفي رواية مالك: "فَنِعْم المعونة هو"، وفي رواية هلال: "إن هذا المال خَضِرٌ حُلْوٌ، وبعم صاحب المسلم هو لمن أعطَى منه المسكين، واليتيم، وابن السبيل".

(وَمَنْ يَأْخُذْ مَالًا بِغَيْرِ حَقِّهِ) بأن أخذه ظلمًا، أو اكتسبه من وجه حرام، أو من غير احتياج إليه، ولم يخرج منه حقه الواجب (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ") يعني أنه كلما نال منه شيئًا ازدادت رغبته، واستَقَلَّ ما في يده، ونظر إلى ما فوقه فينافسه.

وقال الطيبيّ رحمهُ اللهُ: قوله: "كالذي يأكل ولا يشبع" ذُكر في مقابلة قوله: "فنعم المعونة هو"، ومعناه أن أخذ المال بغير حقّه بان جمعه من الحرام، ومن غير احتياج إليه، ولم يخرج منه حقه الواجب فيه، فيكون ذلك وبالًا عليه، لا معونة له، فيصير كالداء العضال الذي يُهلك صاحبه، وهو الحرص الباعث على من به جوع الكلب، فإن مصيره إلى الهلاك. انتهى.

زاد في رواية هلال: "ويكون عليه شهيدًا يوم القيامة"؛ أي يكون ذلك المال حجة عليه، يشهد يوم القيامة على حرصه وإسرافه، وكونه أنفقه فيما لا يرضاه الله تعالى، ولم يؤدّ حقه، وهذه هي الفضيحة الكبرى، وذلك الخزي العظيم، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ١٠/ ٣٢٧٨.