الوجيزة الجامعة المفهمة، وقد عدّ ابن دُريد هذا الحديث، وهو قوله:"إنّ مما يُنبت الربيع يقتل حبطًا، أو يُلمّ" من الكلام المفرد الوجيز الذي لم يُسبق -صلى الله عليه وسلم- إلى معناه، وكلّ من وقع شيء منه في كلامه، فإنما أخذه منه. قاله في "الفتح".
٨ - (ومنها): ما كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يلقاه من شدّة الوحي من العناء، حتى يتصبّب منه العرق، وقد ثبت في "الصحيحين" من حديث عائشة -رضي الله عنها-، أنها قالت:"إن الحارث بن هشام -رضي الله عنه- سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أحيانًا يأتيني مثل صلصلة الْجَرَس، وهو أشدّه عليّ، فيُفْصَم عنّي، وقد وَعَيتُ منه ما قال، وأحيانًا يمثّل لي الملك رجلًا، فيكلّمني، فأعي ما يقول، قالت عائشة -رضي الله عنها-: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيُفصَم عنه، وإن جبينه، ليتفصّد عَرَقًا".
٩ - (ومنها): أنه يستفاد منه ترك الْعَجَلة في الجواب؛ إذا كان يحتاج إلى التأمّل.
١٠ - (ومنها): لوم من ظُنّ به تعثّتٌ في السؤال، وحَمْدُ من أجاد فيه.
١١ - (ومنها): ما قيل: إن فيه تفضيلَ الغنيّ على الفقير. قال الحافظ رحمهُ اللهُ: ولا حجة فيه؛ لأنه لا يمكن التمسّك به لمن لم يرجّح أحدهما على الآخر، والعجب أن النوويّ قال: فيه حجة لمن رجّح الغنيّ على الفقير، وكان قبل ذلك شرح قوله: "لا يأتي الخير إلا بالخير" على أن المراد أن الخير الحقيقيّ لا يأتي إلا بالخير، لكن هذه الزهرة ليست خيرًا حقيقيًّا؛ لما فيها من الفتنة، والمنافسة، والاشتغال عن كمال الإقبال على الآخرة، قال الحافظ: فعلى هذا يكون حجّة لمن يفضّل الفقر على الغنى، والتحقيق أن لا حجّة فيه لأحد القولين. انتهى (١).
١٢ - (ومنها): الحضّ على إعطاء المسكين، واليتيم، وابن السبيل.
١٣ - (ومنها): أن المكتسب للمال من غير حلّه لا يُبارَك له فيه؛ لتشبيهه بالذي يأكل، ولا يشبع.