للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المكبر، ويمتنع وجود فرع بدون أصله، فقُدِّر أصله؛ ليجري على سَنَنِ الباب، ومثله مما سُمِعَ مُصغَّرًا، دون مكبره قالوا في تصغير غِلْمَة، وصبية: أُغيلمةٌ وأُصيبيةٌ، فَقَدَّروا أصله أَغْلِمَة وأَصْبِية، ولم يَنطِقوا به لما ذكرتُ فافهمه، فلا مَحِيد عنه، وقد تكلمت العرب بأسماءٍ مصغرةٍ ولم يتكلموا بمكبرها، ونَقَلَ الزجاجيّ عن ابن قُتيبة أنها أربعون اسْمًا. انتهى كلام الفيّوميّ (١).

(فِي إِثْرِ السَّمَاءِ) بكسر الهمزة، وإسكان الثاء المثلّثة، وبفتحهما جميعًا؛ لغتان مشهورتان، ومعناه: بعدها وعَقِبها، قال الفيّوميّ: جئتُ في أَثَرِهِ بفتحتين، وإِثْرِهِ بكسر الهمزة وسكون الثاء: أي تبعته عن قُرْب. انتهى.

وقوله: (السَّمَاءِ) قال الشيخ ابن الصلاح رحمه الله تعالى: وقع في الأصل المأخوذ عن الْجُلُوديّ "السماء" بالألف واللام، وكذلك هو في أصل الحافظ أبي القاسم العساكريّ مُضَبَّبًا عليه، وهو جائز على أن يكون قوله: "كانت" مستأنفًا لا صفةً، وهو في أصل الحافظ أبي حازم العَبْدريّ، وأصل أبي عامر العَبْدريّ بخطّيهما: "سماء" منكّرًا وهو الأولى.

و"السماء" ها هنا المطر، وكلّ ما علاك وأظلّك فهو سماء، والسماء المعروفة من المعروف أنها مؤنّثةٌ، وقد تُذكَّرُ، وأما تأنيث السماء بمعنى المطر كما جاء في هذا الحديث ففي كتاب أبي حنيفة الدِّينَوَريّ في "الأنواء": إنه يقال: للمطر سماء، ألا ترى أنهم يقولون: أصابتنا سماء غزيرة، وفي "كتاب التهذيب" للأزهريّ: "السماء" المطر، و"السماء" أيضًا سم الْمَطَرَة الجديدة، يقال: أصابتنا سماءٌ، وهذا يُشعر بتخصيص التأنيث بهذه الْمَطَرَة، والله أعلم. انتهى كلام ابن الصلاح (٢).

وقال في "اللسان": قال الزجّاج: السماء في اللغة يقال: لكلّ ما ارتفع وعلا، وكلّ سقف فهو سماء، ومن هذا قيل للسحاب: سماءٌ لأنها عالية، والسماء كل ما علاك فأظلّك، ومنه قيل لسقف البيت: سماءٌ، والسماء التي تُظلُّ الأرضَ أُنثى عند العرب لأنها جمع سماءة، والسماءة أصلها سماوةٌ، وإذا ذُكِّرت السماءُ عَنَوْا به السقف، ومنه قول الله تعالى: {السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ}


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٢٣ - ١٢٤.
(٢) "الصيانة" ص ٢٤٩ - ٢٥٠.