للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[المزمل: ١٨]، ولم يقال: منفطرةٌ، وقال الجوهريّ: السماء تُذكّر وتؤنّثُ أيضًا، وأنشد ابن برّيّ في التذكير [من الوافر]:

فَلَوْ رَفَعَ السَّمَاءُ إِلَيْهِ قَوْمًا … لَحِقْنَا بِالسَّمَاءِ وَبِالسَّحَابِ

والسماء: المطر مذكّرٌ، ومنهم من يؤنّثه وإن كان بمعنى المطر، كما تُذكّر السماء وإن كانت مؤنّثةً، كقوله تعالى: {السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ}، قال مُعَوِّدُ الحكماء (١) معاوية بن مالك [من الوافر أيضًا]:

إِذَا سَقَطَ (٢) السَّمَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ … رَعَيْنَاهُ وَإِنْ كَانُوا غِضابَا (٣)

(كَانَتْ) أي السماء وأنّثها؛ لأنه يجوز تأنيثها وتذكيرها، كما سبق آنفًا (مِنَ اللَّيْلِ) ووقع في بعض روايات البخاريّ بلفظ: "من الليلة" بالإفراد (فَلَمَّا انْصَرَفَ) أي من صلاته وفرغ منها أو من مكانه الذي صلّى فيه (أَقْبَلَ عَلَى النَّاس، فَقَالَ: "هَلْ تَدْرُونَ) لفظه استفهام، ومعناه التنبيه (مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ ") ووقع في رواية النسائيّ: "ألم تسمعوا ما قال ربكم الليلة؟ " (قَالُوا) أي الصحابة الحاضرون لديه (اللهُ) سبحانه وتعالى (وَرَسُولُهُ) - صلى الله عليه وسلم - (أَعْلَمُ، قَالَ) أي النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ("قَالَ) أي الله سبحانه وتعالى، قال في "الفتح": هذا من الأحاديث الإلهية، وهي تحتمل أن يكون النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أخذها عن الله بلا واسطة أو بواسطة. قاله في "الفتح" (٤).

(أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي) هذه إضافة عموم، بدليل التقسيم إلى مؤمن وكافر، بخلاف مثل قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: ٤٢] فإنها إضافة تشريف (مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ) قال القرطبيّ رحمه الله تعالى: ظاهره أنه الكفر الحقيقيّ؛ لأنه قابل به المؤمن الحقيقيّ، فيُحمل على من اعتقد أن المطر من فِعْل الكواكب وخَلْقِها لا من فعل الله تعالى، كما يَعتقده بعضُ جُهّال المنجّمين، والطبائعيين، والعرب، فأما من اعتقد أن الله تعالى هو الذي خَلَقَ المطر،


(١) قيل له: معوِّد الحكماء؛ لقوله في هذه القصيدة:
أُعَوِّدُ مِثْلَهَا الْحُكَمَاءَ بَعْدِي … إِذَا مَا الْحَقُّ فِي الْحَدَثَانِ نَابَا
(٢) ويروى: "إذا نزل السماء".
(٣) راجع: "لسان العرب" ١٤/ ٣٩٨ - ٣٩٩.
(٤) "الفتح" ٢/ ٦٧٥.