فأما الطُّبْيُ فهو بضم الطاء المهملة، وسكون الموحدة، وهي الثدي، وعند الطبريّ من طريق طارق بن زياد، عن عليّ -رضي الله عنه-: "في يده شعرات سُودٌ"، والأول أقوى.
وقد ذكر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- للخوارج علامات أخرى، ففي رواية معبد بن سيرين، عن أبي سعيد، "قيل: ما سيماهم؟، قال: سيماهم التحليق"، وفي رواية عاصم بن شَمْخ، عن أبي سعيد:"فقام رجل، فقال: يا نبي الله، هل في هؤلاء القوم علامة؟ قال: "يحلقون رؤوسهم، فيهم ذو ثُدَيَّة"، وفي حديث أنس، عن أبي سعيد: "هم من جِلْدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، قيل: يا رسول الله ما سيماهم؟ قال: التحليق"، هكذا أخرجه الطبريّ، وعند أبي داود بعضه، قاله في "الفتح" (١).
وقوله: (يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ") قوله: "حِين" بكسر الحاء المهملة، وآخره نون، قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: ضبطوه في "الصحيح" بوجهين: [أحدهما]"حِينِ فُرْقَةٍ" بحاء مهملة مكسورة، ونون، و"فُرْقة" بضم الفاء؛ أي في وقت افتراق الناس؛ أي افتراقٍ يقع بين المسلمين، وهو الافتراق الذي كان بين عليّ ومعاوية -رضي الله عنه-.
[والثاني]: "خَيْرِ فِرْقَةٍ" بخاء معجمة مفتوحة، وراء، و "فِرْقَةٍ" بكسر الفاء؛ أي أفضل الفرقتين، والأول أشهر وأكثر، ويؤيده الرواية التي بعد هذه:"يَخْرُجون في فُرْقة من الناس" فإنه بضم الفاء بلا خلاف، ومعناه ظاهر.
وقال القاضي عياض رَحِمَهُ اللهُ: على رواية الخاء المعجمة المراد: خير القرون، وهم الصدر الأَوَّل، قال: أو يكون المراد عليًّا وأصحابه، فعليه كان خروجهم حقيقةً؛ لأنه كان الإمام حينئذ، وفيه حجة لأهل السنة أن عليًّا كان مصيبًا في قتاله، والآخرون بُغَاة، لا سيما مع قوله -صلى الله عليه وسلم-: "يقتلهم أَولى الطائفتين بالحقّ"، وعليّ وأصحابه هم الذين قتلوهم.
وفي هذا الحديث معجزاتٌ ظاهرةٌ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإنه أخبر بهذا، وجرى كلُّه كفَلَق الصبح، ويتضمن بقاء الأمة بعده -صلى الله عليه وسلم-، وأن لهم شوكةً وقوّةً،