للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خلاف ما كان المبطلون يُشيعونه، وأنهم يفترقون فرقتين، وأنه تخرج عليه طائفة مارقة، وأنهم يُشَدِّدون في الدين في غير موضع التشديد، ويبالغون في الصلاة، والقراءة، ولا يقومون بحقوق الإسلام، بل يمرقون منه، وأنهم يقاتلون أهل الحق، وأن أهل الحق يقتلونهم، وأن فيهم رجلًا صفة يده كذا وكذا، فهذه أنواع من المعجزات جَرَت كلُّها، ولله الحمد. انتهى (١).

وقال في "الفتح": قوله: "يخرجون على خير فرقة من الناس" كذا للأكثر هنا، وفي "علامات النبوة"، وفي "الأدب": "حِين"، و"فُرْقة" بضم الفاء، ووقع في رواية عبد الرزاق، عند أحمد وغيره: "حين فَتْرة من الناس" بفتح الفاء، وسكون المثناة، ووقع للكشميهنيّ في هذه المواضع: "على خير" بفتح المعجمة، وآخره راء، و"فِرْقة" بكسر الفاء، والأول المعتمد، وهو الذي عند مسلمٍ وغيره، وإن كان الآخر صحيحًا، ويؤيد الأول أن عند مسلم من طريق أبي نضْرة، عن أبي سعيد: "تَمْرُق مارقةٌ عند فُرقة من المسلمين، يقتلهم أَوْلى الطائفتين بالحقّ"، وفي لفظ له: "يكون في أمتي فرقتان، فيخرج من بينهما طائفة مارقة، يلي قتلهم أولاهم بالحقّ"، وفي لفظ له: "يخرجون في فرقة من الناس، يقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحقّ"، وفيه: فقال أبو سعيد: "وأنتم قتلتموهم يا أهل العراق"، وفي رواية الضحاك الْمِشْرَقيّ، عن أبي سعيد: "يخرجون على فِرْقة مختلفة، يقتلهم أقرب الطائفتين إلى الحقّ"، وفي رواية أنس، عن أبي سعيد، عند أبي داود: "من قاتلهم كان أولى بالله منهم". انتهى (٢).

وقال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: قوله: "يخرجون على خير فرقة" كذا لأكثر الرُّواة، وعند السمرقنديّ، وابن ماهان: "على حين فُرقة" بالحاء والنون، وكلاهما صحيح، فإنهم خرجوا حين افترق الناس فرقتين، فكانت فرقة مع معاوية -رضي الله عنه- ترى رأيه، وتقاتل معه، وفرقة مع عليّ -رضي الله عنه- ترى رأيه، وتقاتل معه، وخرجت الطائفة على عليّ، ومعه معظم الصحابة -رضي الله عنهم-، ولا خلاف أنه الإمام العدل، وأنه أفضل من معاوية -رضي الله عنه-، ومِن كلّ مَن كان معه، فقد صدق على فرقة


(١) "شرح النوويّ" ٧/ ١٦٦ - ١٦٧.
(٢) "الفتح" ١٦/ ١٨٤.