الخوارج، فقال عليّ بعد أن حدّث بصفتهم، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم، فإنهم قد سفكوا الدم الحرام، وأغاروا في سرح الناس، قال: فلما التقينا وعلى الخوارج يومئذ عبد الله بن وهب الراسبيّ، فقال لهم: ألقوا الرِّماح، وسُلُّوا سيوفكم من جفونها، فأني أخاف أن يناشدوكم كما ناشدوكم يوم حروراء، قال: فشجرهم الناس برماحهم، قال: فقُتل بعضهم على بعض، وما أصيب من الناس يومئذ إلا رجلان".
وأخرج يعقوب بن سفيان، من طريق عمران بن جرير، عن أبي مِجْلَز قال: كان أهل النهر أربعة آلاف، فقتلهم المسلمون، ولم يُقْتَل من المسلمين سوى تسعة، فإن شئت فاذهب إلى أبي برزة، فاسأله، فإنه شهد ذلك.
وأخرج إسحاق ابن راهويه في "مسنده" من طريق حبيب بن أبي ثابت، قال: أتيت أبا وائل، فقلت: أخبرني عن هؤلاء القوم الذين قتلهم عليّ، فيم فارقوه؟، وفيم استحلّ قتالهم؟ قال: لَمّا كنا بصِفِّين استحرّ القتلُ في أهل الشام، فرفعوا المصاحف، فذكر قصة التحكيم، فقال الخوارج ما قالوا، ونزلوا حَرُوراء، فأرسل إليهم عليّ، فرجعوا، ثم قالوا: نكون في ناحيته، فإن قبل القضية قاتلناه، وإن نقضها قاتلنا معه، ثم افترقت منهم فرقة، يقتلون الناس، فحَدَّث عليّ عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بأمرهم.
وعند أحمد، والطبرانيّ والحاكم، من طريق عبد الله بن شداد، أنه دخل على عائشة مرجعه من العراق، ليالي قتل عليّ، فقالت له عائشة: تُحَدِّثني بأمر هؤلاء القوم الذين قتلهم عليّ، قال: إن علياَ لَمّا كاتب معاوية، وحَكَّما الحكمين، خرج عليه ثمانية آلاف من قراء الناس، فنزلوا بأرض، يقال لها حَرُوراء، من جانب الكوفة، وعَتَبُوا عليه، فقالوا: انسلختَ من قميص ألبسكه الله، ومن اسم سماك الله به، ثم حَكمت الرجال في دين الله، ولا حكم إلا لله، فبلغ ذلك عليًّا، فجمع الناس، فدعا بمصحف عظيم، فجعل يضربه بيده، ويقول: أيها المصحف حَدِّث الناس، فقالوا: ماذا إنسان؟ إنما هو مداد وورق، ونحن نتكلم بما روينا منه، فقال: كتاب الله بيني وبين هؤلاء، يقول الله في امرأة رجل:{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} الآية [النساء: ٣٥]، وأمة محمد -صلى الله عليه وسلم- أعظم من امرأة رجل، ونَقَمُوا عليّ أن كاتبتُ معاوية، وقد كاتب