للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فقوله: "مُطر الناس" ببناء الفعل للمفعول، وقد تقدّم أن مَطَرَ ثلاثيًّا للرحمة، وأما أمطر بالهمزة فللعذاب، قال في "القاموس": المطر: ماء السحاب، جمعه: أمطارٌ، ومطَرَتهم السماء مَطْرًا، - من باب نصر - ويُحَرَّك: أصابتهم بالمطر، وأمطرهم الله لا يقال إلا في العذاب. انتهى (١). وقال الشارح المرتضى: وهذا على رأي الأكثرين، وقال جماعة من أهل اللغة: مَطَرَ وأمطر بمعنى، كما تقدّم، وقال قبل ذلك: ومطَرَتهم السماء كأمطرتهم، وهو أقبحها. انتهى (٢). (عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -) أي في وقته (فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَصْبَحَ) هي من أخوات "كان" ترفع المبتدأ وتنصب الخبر، وقوله: (مِنَ النَّاسِ) خبرها مقدّمًا، و (شَاكِرٌ) اسمها مؤخّرًا، وعند أبي عوانة: "أصبح من الناس منهم شاكرٌ ومنهم كافر، قال بعضهم: هذه رحمةٌ وضعها الله، وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا … ".

ومعنى: "شاكر" أي معترف بنعمة الله تعالى، يقال: شكرت لله: أعترفتُ بنعمته، وفعلتُ ما يجب من فعل الطاعة وترك المعصية، ولهذا يكون الشكر بالقول والعمل، ويتعدّى في الأكثر باللام، فيقال: شكرتُ له شُكرًا، وشُكرانًا، وربّما تعدّى بنفسه، فيقال: شكرته، وأنكره الأصمعيّ في السَّعَة، وقال: بابه الشعر، ذكره الفيوميّ (٣).

[تنبيه]: بين الشكر والحمد عموم وخصوص من وجه؛ إذ الشكر يخصّ النعمة، والحمد يعمّها وغيرها، وهو خاصّ باللسان، والشكر يكون باللسان والقلب، والجوارح، كما قال بعضهم [من الطويل]:

أَفَادَتْكُمُ النَّعْمَاءُ مِنِّي ثَلَاثَةً … يَدِي وَلسَانِي وَالضَّمِيرَ الْمُحَجَّبَا

وقد تقدّم تمام البحث في هذا في أوائل شرح المقدّمة، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

وقوله: (وَمِنْهُمْ كَافِرٌ) معطوف على "من الناس شاكر"، وهو من عطف المعمولين على معمولي عامل واحد، وهو جائز بالاتّفاق، يعني أن بعض


(١) "القاموس المحيط" ص ٤٢٩.
(٢) "تاج العروس" ٣/ ٥٤٥.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ٣١٩.