للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: وقد استَشْكَل بعضهم تركه - صلى الله عليه وسلم - التمرة في الطريق، مع أن الإمام يأخذ المال الضائع؛ للحفظ.

وأجيب باحتمال أن يكون أخذها كذلك؛ لأنه ليس في الحديث ما ينفيه، أو تركها عمداً؛ لينتفع بها مَن يجدها، ممن تَحِلّ له الصدقة، وإنما يجب على الإمام حفظ المال الذي يَعْلَم تطلع صاحبه له، لا ما جرت به العادة بالإعراض عنه؛ لحقارته والله أعلم. انتهى (١).

٥ - (ومنها): ما قاله في "الطرح" أيضاً: فيه استعمال الورع، وهو ترك الشبهات، فإن هذه التمرة لا تحرم بمجرد الاحتمال، ولهذا رفعها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ليأكلها، ولا يُقْدِم إلا على ما يجوز له فعله، لكن ترجح عنده الورع، وهو تركها، ومثله قوله في حديث أنس - رضي الله عنه - الآتي بعده

قال: واستُدِلّ به على أن التمرة ونحوها من مُحَقَّرات الأموال، لا يجب تعريفها، بل يباح أكلها، والتصرف فيها في الحال؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - إنما تركها خشية أن تكون من الصدقة، لا لكونها لقطةً، قال النوويّ: وهذا الحكم متّفَقٌ عليه، وعَلَّله أصحابنا وغيرهم بأن صاحبها لا يطلبها، ولا يبقى له فيها مطمع. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رحمه الله - المذكور أولَ الكتاب قال:

[٢٤٧٧] ( … ) - (وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَذَكَرَ أَحَادِيثَ، مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "وَاللهِ إِنِّي لَأَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي، فَأَجِدُ التَّمْرَةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي، أَوْ فِي بَيْتِي، فَأَرْفَعُهَا لِآكُلَهَا، ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً، أَوْ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَأُلْقِيهَا").


(١) "طرح التثريب في شرح التقريب" ٤/ ٣٥.
(٢) "طرح التثريب في شرح التقريب" ٤/ ٣٥.