قال القرطبيّ: يدل على هذا قراءة الحسن "فلأقسم"، وما أقسم به سبحانه وتعالى من مخلوقاته في غير موضع من كتابه.
وقال ابن عباس: المراد بمواقع النجوم نزول القرآن نجومًا، أنزله الله تعالى من اللوح المحفوظ من السماء العليا إلى السفرة الكاتبين، فَنَجَّمه السَّفَرة على جبريل عشرين ليلة، ونَجّمه على محمد عليهما الصلاة والسلام عشرين سنة، فهو يُنْزِله على الأحداث من أمته، حكاه الماورديّ عن ابن عباس والسُّدّيّ، وقال أبو بكر الأنباريّ: حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا حجاج بن المنهال، حدثنا همام، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: نزل القرآن إلى سماء الدنيا جملة واحدة، ثم نزل إلى الأرض نُجومًا، وفرّق بعد ذلك خمس آيات، خمس آيات، وأقل وأكثر، فذلك قول الله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧)}، وحكى الفراء عن ابن مسعود: أن مواقع النجوم هو مُحْكَم القرآن.
وقرأ حمزة والكسائيّ:"بموقع" على التوحيد، وهي قراءة عبد الله بن مسعود، والنخعيّ، والأعمش، وابن مُحيصن، ورُوَيس عن يعقوب، والباقون على الجمع، فمن أفرد فلأنه اسم جنس، يؤدي الواحد فيه عن الجمع، ومن جَمَعَ فلاختلاف أنواعه. انتهى (١).
وقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦)} أي وإن هذا القسم الذي أقسمتُ به لقسم عظيم، لو تعلمون عَظَمَته لعظمتم المقسم به عليه.
وقال القرطبيّ المفسّر: قيل: إن الهاء تعود على القرآن، أي إن القرآن لقسم عظيم، قاله ابن عبّاس وغيره، وقيل: ما أقسم الله به عظيم. انتهى.
وقوله تعالى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧)} أي إن هذا القرآن الذي نَزَلَ على محمد - صلى الله عليه وسلم - لكتاب عظيم.
وقال أبو العبّاس القرطبيّ: الكريم: الشريف الكثير المنافع السهلها.
وقال أبو عبد الله القرطبيّ المفسّر: قوله: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧)} ذَكَرَ المقسم عليه، أي أُقسم بمواقع النجوم: إن هذا القرآن قرآن كريم، ليس