للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بفتح الغين، وكسر الباء، وكلها صحيحة، وقد غامت السماء، وغَيَّمَتْ، وأغامت، وتَغَيَّمَتْ، وأَغْمَت، وفي هذه الأحاديث دلالة لمذهب مالك، والشافعيّ، والجمهور أنه لا يجوز صوم يوم الشك، ولا يوم الثلاثين من شعبان عن رمضان؛ إذا كانت ليلة الثلاثين ليلة غيم. انتهى (١).

(فَاقْدُرُوا لَهُ") بضم الدال وكسرها، يقال: قَدَرْتُ لأمر كذا: إذا نظرت فيه، ودَبَّرته (٢).

وقال القرطبىّ رحمه اللهُ: أي قدّروا تمام الشهر بالعدد ثلاثين يومًا، يقال: قَدَرتُ الشيءَ أقدُره، وأقدِره -بالتخفيف- بمعنى قدّرته -بالتشديد- قال: وهذا مذهب الجمهور في معنى هذا الحديث، وقد دلّ على صحّته ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - مكان "فاقدروا له": "فأكملوا العدّة ثلاثين"، وهذا الحديث حجّةٌ على من حَمَلَ "فاقدروا له" على معنى تقدير المنازل القمريّة، واعتبار حسابها، وإليه صار ابن قُتيبة من اللغويين، ومطرّف بن عبد الله بن الشِّخِّير من كبراء التابعين، ومن الحجة أيضًا على هؤلاء قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنّا أُمّةٌ أُمّيّةٌ لا نكتب، ولا نَحْسُبُ"، فألغى الحساب، ولم يجعله طريقًا لذلك. انتهى كلام القرطبيّ رَحمه الله (٣)، وهو بحثٌ نفيسٌ.

وقال النوويّ رحمه اللهُ قوله: "فاقدروا له": قال أهل اللغة: يقال: قَدَرتُ الشيءَ أَقْدِرُهُ -بكسر الدال- وأَقْدُرُه -بضمّها- وقَدَّرتُهُ، وأقدرته، بمعنى واحد، وهو من التقدير، قال الخطابىّ: ومنه قول الله تعالى: {فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (٢٣)} [المرسلات: ٢٣].

وفي رواية: "فاقدروا له ثلاثين وفي رواية: "إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فافطروا، فإن غُمّ عليكم فاقدروا له وفي رواية: "فإن غُمّ عليكم فصوموا ثلاثين يومًا وفي رواية: "فإن غُمّيَ عليكم فأكملوا العدد وفي رواية: "فإن غُمّيَ عليكم الشهر، فَعُدُّوا ثلاثين وفي رواية: "فإن أُغْمِي عليكم، فعدوا ثلاثين".


(١) "شرح النوويّ" ٧/ ١٨٩ - ١٩٠.
(٢) "عمدة القاري" ١٠/ ٢٧١.
(٣) "المفهم" ٣/ ١٣٨.