للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقيل: معنى {لَا يَمَسُّهُ} لا ينزل به إلا المطهرون، أي الرسل من الملائكة على الرسل من الأنبياء، وقيل: لا يمس اللوح المحفوظ الذي هو الكتاب المكنون إلا الملائكة المطهرون، وقيل: إن إسرافيل هو الموكل بذلك، حكاه القشيري.

قال ابن العربي: وهذا باطل؛ لأن الملائكة لا تناله في وقت، ولا تصل إليه بحال، ولو كان المراد به ذلك، لما كان للاستثناء فيه مجال، وأما من قال: إنه الذي بأيدي الملائكة في الصحف، فهو قول محتمل، وهو اختيار مالك.

وقيل: المراد بالكتاب المصحف الذي بأيدينا، وهو الأظهر، وقد رَوَى مالك وغيره أن في كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألّا يمس القرآن إلا طاهر"، وقال ابن عمر: قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر"، وقالت أخت عُمر لعُمر عند إسلامه، وقد دخل عليها ودعا بالصحيفة: "لا يمسه إلا المطهرون"، فقام واغتسل، وأسلم، وعلى هذا المعنى قال قتادة وغيره: لا يمسه إلا المطهرون من الأحداث والأنجاس، وقال الكلبيّ: من الشرك، وقال الربيع بن أنس: من الذنوب والخطايا، وقيل: معنى لا يمسه: لا يقرؤه إلا المطهرون إلا الموحِّدون، قاله محمد بن فُضيل، وعبدة، وقال عكرمة: كان ابن عباس يَنْهَى أن يُمَكَّن أحد من اليهود والنصارى من قراءة القرآن، وقال الفراء: لا يجد طعمه ونفعه وبركته إلا المطهرون، أي المؤمنون بالقرآن، وقال ابن العربي: وهو اختيار البخاريّ، قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا"، وقال الحسين بن الفضل: لا يَعْرِف تفسيره وتأويله، إلا من طهره الله من الشرك والنفاق، وقال أبو بكر الوَرّاق: لا يُوَفَّق للعمل به إلا السعداء، وقيل: المعنى: لا يمس ثوابه إلا المؤمنون، ورواه معاذ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.

ثم قيل: ظاهر الآية خبر عن الشرع: أي لا يمسه إلا المطهرون شرعًا، فإن وُجِد خلاف ذلك فهو غير الشرع، وهذا اختيار القاضي أبي بكر بن العربي، وأبطل أن يكون لفظه لفظ الخبر ومعناه الأمر، وقال المهدويّ: يجوز أن يكون أمرًا، وتكون ضمة السين ضمة إعراب، ويجوز أن يكون نَهْيًا، وتكون=