طالب، وأنس بن مالك، وأبي هريرة، ومعاوية، وعمرو بن العاص، والحكم بن أيوب الغفاريّ، وعائشة، وأسماء ابنتي أبي بكر الصدّيق - رضي الله عنهم -، قال: وقال به من كبراء التابعين سالم بن عبد الله، ومجاهد، وطاوس، وأبو عثمان النّهْديّ، ومطرّف بن عبد الله بن الشِّخِّير، وميمون بن مهران، وبكر بن عبد الله المزنيّ، في آخرين.
حكاه عنه الحافظ العراقيّ رحمه اللهُ في "شرح الترمذيّ"، وردّ عليه في حكايته عن هؤلاء الصحابة، فذكر أن الرواية في ذلك عن عمر منقطعة، فإنها من رواية مكحول عنه، ولم يدركه، وأن ابن الجوزيّ إنما نقل ذلك عن عليّ؛ لأنه قال:"أصوم يومًا من شعبان أحبّ إليّ من أفطر يومًا من رمضان"، قال العراقيّ: وهو منقطع، ثم إنه إنما قاله عند شهادة واحد على رؤية الهلال، لا في الغيم، كما رواه الدارقطنيّ في "سننه" مبيّنًا، ولا يحلّ الاختصار على هذا الوجه؛ لأنه يُخلّ بالمعنى، قال: والمعروف عن عمر، وعليّ خلاف ذلك ففي "مصنّف ابن أبي شيبة" عن كلّ منهما أنه كان يخطب إذا حضر رمضان، فيقول:"ألا لا تقدّموا الشهر؛ إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتم الهلال فأفطروا، فإن غمّ عليكم، فأتمّوا العدّة".
ومستند ابن الجوزيّ في نقل ذلك عن أنس ما رواه عن يحيى بن إسحاق أنه قال: رأيت الهلال إما عند الظهر، وإما قريبًا منه، فأفطر ناس من الناس، فأتينا أنس بن مالك، فأخبرناه برؤية الهلال، وبإفطار من أفطر، فقال: هذا اليوم يكمل لي أحدًا وثلاثين (١) يومًا، وذلك أن الحكم بن أيوب أرسل إليّ قبل صيام الناس أني صائم غدًا، فكرهت الخلاف عليه، فصمت، وأنا متمّ صوم يومي هذا إلى الليل.
قال العراقيّ: هذا لم يفعله للغيم، وإنما فعله كراهية للاختلاف على الأمير، وهو ابن عمّ الحجاج بن يوسف الثقفيّ، فهو موافق لرواية عن أحمد: إن الخيرة إلى الأمير في صيام ليلة الغيم، فلم يصمه أنس عن رمضان، وقد أفطر الناس ذلك اليوم، وأراد أنس ترك الخلاف على أمره.
(١) وقع في نسخة "الطرح": "أحدٌ وثلاثون" بالرفع، والظاهر أنه غلط، فليحرّر.