قال العراقي: والمعروف عن أبي هريرة - رضي الله عنه - خلاف ما نقله عنه، كما في "مصنّف ابن أبي شيبة" عنه أنه قال: نُهي أن يتعجّل قبل رمضان بيوم أو يومين. لكن روى البيهقيّ عنه من رواية أبي مريم عنه:"لأن أصوم اليوم الذي يشكّ فيه من شعبان أحبّ إليّ من أفطر يومًا من رمضان"، ثم قال البيهقيّ: كذا روي عن أبي هريرة بهذا الإسناد، ورواية أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في النهي عن التقدّم إلا أن يوافق صومًا كان يصومه أصحّ من ذلك. انتهى.
قال: وأما أثر معاوية، فإنه ضعيف لا يصحّ، وقد رواه ابن الجوزيّ في "العلل المتناهية" من رواية مكحول عنه، وضعّفه، قال: وأما أثر عمرو بن العاص، فلم أر له إسنادًا، قال: وأما الحكم بن أيوب، فهو الثقفيّ، وهو من التابعين، كما ذكره ابن حبّان في ثقات التابعين. قال: فلم يقل به أحد من العشرة الذين ذكرهم ابن الجوزيّ إلا ابن عمر، وعائشة، وأسماء - رضي الله عنهم -، واختُلِف عن أبي هريرة كما تقدّم.
قال البيهقيّ رَحمه اللهُ: ومتابعة السنّة الثابتة، وما عليه أكثر الصحابة، وعوامّ أهل العلم أولى بنا. انتهى.
وقال ابن عبد البرّ رحمه اللهُ: لم يُتابع ابن عمر على تأويله ذلك فيما علمت إلا طاوس، وأحمد ابن حنبل، وروي عن أسماء بنت أبي بكر مثله، وعن عائشة نحوه. انتهى.
(المذهب الثالث): مذهب فرقة ثالثة، قالوا: إن معنى الحديث: قَدّرُوه بحساب المنازل، حكاه النوويّ في "شرح مسلم" عن ابن سُريج، وجماعة، منهم مطرّف بن عبد الله، وابن قتيبة، وآخرون، وقال ابن عبد البرّ: رُوي عن مطرّف بن الشّخّير، وليس بصحيح عنه، ولو صحّ ما وجب اتباعه عليه؛ لشذوذه فيه، ولمخالفة الحجّة له، ثم حكى عن ابن قتيبة مثله، وقال: ليس هذا من شأن ابن قتيبة، ولا هو من يُعرّج عليه في مثل هذا الباب، ثم حَكَى عن ابن خويز منداد أنه حكاه عن الشافعيّ، ثم قال ابن عبد البرّ: والصحيح عنه في كتبه، وعند أصحابه، وجمهور العلماء خلافه، قال وليّ الدين: لا يعرف ذلك عن الشافعيّ أصلًا، والله أعلم.
وبالغ ابن العربيّ في "العارضة" في إنكاره مقالة ابن سُريج هذه، قال