للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأَدْهَنَ وداهن واحد، وقال قوم: داهنت بمعنى واريت، وأدهنت بمعنى غَشَشْتُ، وقال الضحاك: مدهنون: معرضون، وقال مجاهد: ممالئون الكفار على الكفر به، وقال ابن كيسان: المدهن الذي لا يَعْقِل ما حَقُّ الله عليه ويدفعه بالعلل، وقال بعض اللغويين: مدهنون: تاركون للجزم في قبول القرآن. انتهى (١).

وقوله تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ} قال طائفة من المفسّرين: وتجعلون شكركم تكذيبكم بأن الرزاق هو الله تعالى، أي تجعلون التكذيب عِوَضَ الشكر، وتكذيبهم هو قولهم: مُطِرنا بنوء كذا وكذا، روى الترمذي بإسناده (٢) عن على بن أبي طالب - صلى الله عليه وسلم - رفعه قال: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ} قال: شكركم أنكم تُكذّبون، قال: يقولون: مُطرنا بنوء كذا وكذا"، قال الترمذيّ: هذا حديث حسنٌ غريب صحيح (٣).


(١) "الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٢٢٧ - ٢٢٨.
(٢) وقال ابن جرير: حدثني يونس، أخبرنا سفيان، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيميّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله لَيُصَبِّح القومَ بالنعمة أو يُمَسِّيهم بها، فَيُصبِح بها قوم كافرين، يقولون: مُطرنا بنوء كذا وكذا".
قال الجامع عفا الله عنه: رجال هذا الإسناد ثقات، إلا أن فيه عنعنة ابن إسحاف، وهو مدلّس.
قال محمد - هو ابن إبراهيم -: فذكرت هذا الحديث لسعيد بن المسيب، فقال: ونحن قد سمعنا من أبي هريرة، وقد أخبرني مَن شَهِدَ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وهو يستسقي، فلما استسقى التفت إلى العباس، فقال: يا عباس، يا عم رسول الله، كم بَقِيَ من نَوْء الثُّرَيَا؟ فقال: العلماء يزعمون أنها تَعْتَرض في الأفق بعد سقوطها سبعًا، قال: فما مضت سابعة حتى مُطروا.
قال الحافظ ابن كثير: وهذا محمول على السؤال عن الوقت الذي أجرى الله فيه العادة بإنزال المطر، لا أن ذلك النوء مؤثّر بنفسه في نزول المطر، فإن هذا هو المنهيّ عن اعتقاده. انتهى "تفسير ابن كثير" ٤/ ٢٩٩.
(٣) بل هو ضعيف؛ لأن في سنده عبد الأعلى بن عامر الثعلبيّ، وهو ضعيف، والصحيح أنه موقوف على ابن عباس - رضي الله عنهما -، كما في حديث الباب.