عهد عليّ -رضي الله عنه- ثمانية وعشرين يومًا، فأمرنا علي بقضاء يوم، قال الخطيب: وكان شهر رمضان تلك السنة تسعة وعشرين يومًا، وشعبان تسعة وعشرين، وغم الهلال في آخر شعبان، فأكمل عليّ والناس العدد لشعبان ثلاثين، وصاموا، فرأوا الهلال عشية اليوم الثامن والعشرين من الصوم، ولو كان عليّ يقول في الصوم، كقول المخالف من اعتماد الغيم، لم ير الناس الهلال بعد صوم ثمانية وعشرين يومًا.
وأما ابن مسعود، فروى عنه الخطيب بإسناده: صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فَعُدّوا ثلاثين، وفي رواية عنه: لأن أفطر يومًا من رمضان، ثم أقضيه أحب إلي من أن أزيد فيه يومًا ليس منه.
وعن صِلَة قال: كنا عند عمار -رضي الله عنه- في اليوم الذي يُشَكّ فيه من رمضان، فأتى بشاة، فتنحى بعض القوم، فقال عمار: من صام هذا اليوم فقد عصى أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم-.
وعن حذيفة -رضي الله عنه- أنه كان ينهى عن صوم اليوم الذي يُشَكّ فيه من رمضان.
وعن ابن عباس قال: لا تصِلوا رمضان بشيء، ولا تقدموه بيوم ولا يومين، وعنه: من صام اليوم الذي يشك فيه، فقد عصى الله ورسوله.
وعن أبي هريرة: إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن أغمي عليكم فأكملوا العدة ثلاثين.
قال الخطيب: وأما ما رويناه عن معاوية بن صالح، عن أبي مريم، قال: سمعت أبا هريرة يقول: لأن أتقدم في رمضان أحب إلي من أن أتأخر؛ لأني إن تقدمت لم يفتني، فرواية ضعيفة، لا تُحفظ إلا من هذا الوجه، وأبو مريم مجهول، فلا يعارض بروايته ما نقله الحفاظ من أصحاب أبي هريرة عنه.
قال الخطيب: ومما تعلق به المخالف ما رواه يحيى بن أبي إسحاق، قال: رأيت هلال الفطر إما عند الظهر، أو قريبًا منها، فأفطر ناسٌ، فأتينا أنسًا، فأخبرناه، فقال: هذا اليوم يكمل إلى أحد وثلاثين يومًا؛ لأن الحكم بن أيوب أرسل إليّ قبل صيام الناس إني صائم غدًا، فكرهت الخلاف عليه، فصمت، وأنا متمّ يومي هذا إلى الليل.