وقوله: (وَشَكَّ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى فِي "نَكْتَفِي"، أَوْ "تَكْتَفِي") أشار إلى بيان اختلاف شيوخه، فقد اتفق الثلاثة على لفظ:"أو لا تكتفي" بالتاء، وشكّ شيخه يحيى بن يحيى هل هو "نكتفي" بالنون، أو "تكتفي" بالتاء. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: حديث ابن عباس بهذا من أفراد المصنّف -رحمه الله-.
المسألة الثانية: في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٥/ ٢٥٢٨](١٠٨٧)، و (الترمذيّ) في "الصوم"(٦٢٩)، و (النسائيّ) في "الصيام"(٢١١١) و"الكبرى"(٢٤٢١)، و (أحمد) في "مسنده"، و (ابن خزيمة) في "صحيحه"(١٩١٦)(١/ ٣٠٦)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(٣/ ١٦٤)، و (الدارقطنيّ) في "سننه"(٢/ ١٧١)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٢/ ٦٧ و ٤/ ٢٥١) و"المعرفة"(٣/ ٣٩٩)، والله تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: في اختلاف أهل العلم في حكم اختلاف المطالع:
قال الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البرّ -رحمه الله- في "التمهيد"(١٤/ ٣٥٦): واختَلَف العلماء في الحكم إذا رَأَى الهلال أهل بلد دون غيره من البلدان، فرُوي عن ابن عباس، وعكرمة، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله، أنهم قالوا: لكل أهل بلد رؤيتهم، وبه قال إسحاق ابن راهويه، وحجة من قال هذا القول حديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما -، ثم أخرج حديث الباب.
ثم قال: وفيه قول آخر، رُوي عن الليث بن سعد، والشافعيّ، وأحمد بن حنبل، قالوا: إذا ثبت عند الناس أن أهل بلد رأوه فعليهم قضاء ما أفطروا، وهو قول مالك، فيما روي لابن القاسم، وقد رُوي عن مالك، وهو مذهب المدنيين من أصحابه، أن الرؤية لا تلزم غير البلد الذي حصلت فيه، إلا أن يَحْمِل الإمام على ذلك، وأما مع اختلاف الكلمة فلا، إلا في البلد بعينه.
قال أبو عمر -رحمه الله-: إلى القول الأول أذهب؛ لأن فيه أثرًا مرفوعًا، وهو حديث حسن تلزم به الحجة، وهو قول صاحب كبير لا مخالف له من الصحابة، وقول طائفة من فقهاء التابعين، ومع هذا إن النظر يدل عليه عندي؛ لأن الناس لا يُكَلَّفون علم ما غاب عنهم في غير بلدهم، ولو كلفوا ذلك لضاق