للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على صحّة إيمان من كان كذلك، وصحّة محبّته للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وبُغضُهُم كذلك دلالة قاطعةٌ على النفاق، وكذلك القو في حبّ عليّ - رضي الله عنه - وبُغْضه، فمن أحبّه لسابقته في الإسلام، وقِدَمِهِ في الإيمان، وغَنَائه فيه، وذَوْده عنه، وعن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولمكانته من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقرابته، ومصاهرته، وعلمه، وفضائله كان ذلك منه دليلًا قاطعًا على صحّة إيمانه ويقينه ومحبّته للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - ومن أبغضه لشيء من ذلك كان على العكس. انتهى كلام القرطبيّ (١).

وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى: قوله: "آية المنافق بغض الأنصار … "، وقوله مثل ذلك في عليّ - رضي الله عنه - معناه بَيّنٌ؛ لأن من عرف حقّ الأنصار، ومكانهم من الدين، ومُبادرتهم إلى نصره وإظهاره، وقتال كافّة الناس دونه، وذبّهم عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ونصرهم له أحبّهم ضرورةً بحكم صحّة إيمانه وحبّه للإسلام وأهله، وعَظُمُوا في نفسه بمقدار عِظَمِ الإسلام في قلبه، ومن كان منافق السريرة، غير مسرور بما كان منهم، ولا مُحبّ في إظهارهم للإيمان، ونصرهم له أبغضهم لا شكّ في ذلك، وكذلك في حقّ عليّ - رضي الله عنه -. انتهى باختصار (٢).

[فائدة]: "الأنصار" - بفتح الهمزة: جمع ناصر، كأصحاب وصاحب، أو جمع نصير، كأشراف وشريف، واللام فيه للعهد: أي أنصار رسول - صلى الله عليه وسلم -، والمراد الأوس والخزرج، وكانوا قبل ذلك يُعرفون ببني قَيلة - بقاف مفتوحة، وياء تحتانية ساكنة - وهي الأم التي تجمع القبيلتين، فسماهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأنصار، فصار ذلك علمًا عليهم، وأُطلق أيضًا على أولادهم، وحلفائهم، ومواليهم.

وقال في "القاموس" و"شرحه": وأنصار النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من الأوس والخزرج نصروه في ساعة العسرة، غلبت عليهم الصفة، فجرى مَجْرَى الأسماء، وصار كأنه اسم الحيّ، ولذلك أضيف إليه بلفظ الجمع، فقيل: أنصاريّ. انتهى (٣).

وقوله: "أضيف إليه": أي نُسب إلى لفظه، فقيل: أنصاريّ، لكونه جاريًا مجرى العلم، قال في "الخلاصة":


(١) "المفهم" ١/ ٢٦٤.
(٢) "إكمال المعلم" ١/ ٣٧٦ - ٣٧٧.
(٣) "تاج العروس" ٣/ ٥٦٨.