للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بيّنه حديث سهل، والله تعالى أعلم. انتهى كلام القرطبيّ -رحمه الله- (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الاحتمال الثاني ضعيف؛ -كما قال الحافظ- لأن قصّة عديّ متأخرة لتأخر إسلامه، كما تقدّم.

وقد روى ابن أبي حاتم من طريق أبي أسامة، عن مجالد في حديث عدي: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال -لما أخبره بما صنع-: يا ابن حاتم ألم أقل لك: {مِنَ الْفَجْر}؟، وللطبرانيّ من وجه آخر عن مجالد وغيره: فقال عديّ: يا رسول الله كل شيء أوصيتني قد حفظته غير الخيط الأبيض من الخيط الأسود، إني بتّ البارحة معي خيطان أنظر إلى هذا، وإلى هذا، قال: "إنما هو الذي في السماء".

فتبيّن بهذا كله أن قصّة عديّ مغايرة لقصّة سهل، فأما من ذُكِرَ في حديث سهل، فحملوا الخيط على ظاهره، فلما نزل {مِنَ الْفَجْر} علموا المراد، فلذلك قال سهل في حديثه: "فعلموا أنما يَعني الليل والنهار"، وأما عديّ فكأنه لم يكن في لغة قومه استعارة الخيط للصبح، وحمل قوله: {مِنَ الْفَجْر} على السببيّة، فظنّ أن الغاية تنتهي إلى أن يظهر تمييز أحد الخيطين من الآخر بضياء الفجر، أو نسي قوله: {مِنَ الْفَجْر} حتى ذكّره بها النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهذه الاستعارة معروفة عند بعض العرب، قال الشاعر [من المتقارب]:

وَلَمَّا تَبَدَّتْ (٢) لَنَا سُدْفَةٌ … ولاحَ مِنَ الصُّبْحِ خَيْطٌ أَنَارَا (٣)

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه - هذا مُتَفَق عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:


(١) "المفهم" ٣/ ١٤٧ - ١٥٠.
(٢) وفي "اللسان": "فلما أضاءت" بدل "تبدّت".
(٣) "الفتح" ٥/ ٢٦١ - ٢٦٢.