للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رمضان، فقال: إنه يكره فيه الأذان قبل الفجر؛ لئلا يغتر الناس به، فيتركوا سحورهم، وهذا تخصيص لا دليل عليه، وإذا عُلِم من عادة المؤذن أنه يؤذن قبل الفجر لم يغتر الناس بأذانه، فيتركوا سحورهم، والعجب أن أبا الحسن ابن القطان قال في "بيان الوهم والإيهام": إن بلالًا إنما كان يؤذن ليلًا في رمضان خاصةً، فهذا عكس المحكيّ عن أحمد، ولم أعلم مستند ابن القطان في ذلك، وقد قال فخر الدين بن قدامة بعد نقله كلام أحمد، وَيحْتَمِل أن لا يكره في حقّ من عُرفت عادته بالأذان في الليل؛ لأن بلالًا كان يفعل ذلك، وقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال، فإنه يؤذن بالليل؛ لينبّه نائمكم، ويرجع قائمكم"، قال ابن قدامة: وينبغي لمن يؤذن قبل الوقت أن يجعل أذانه في وقت واحد في الليالي كلها؛ ليعلم الناس ذلك من عادته، ولا يؤذن في الوقت تارةً، وقبله أخرى، فيقع الإلباس. انتهى (١).

٤ - (ومنها): استحباب أذان واحد بعد واحد، قال في "الفتح": وأما أذان اثنين معًا فمنع منه قوم، ويقال: إن أول من أحدثه بنو أمية، وقال الشافعية: لا يكره إلا إن حصل من ذلك تهويش.

٥ - (ومنها): جواز اتخاذ مؤذنين في المسجد الواحد، قال ابن دقيق العيد -رحمه الله-: وأما الزيادة على الاثنين فليس في الحديث تعرُّض له. انتهى، ونَصَّ الشافعي على جوازه، ولفظه: ولا يتضيق إن أذَّن أكثر من اثنين، قاله في "الفتح".

وقال النوويّ -رحمه الله-: وفيه اتخاذ مؤذنين للمسجد الكبير، قال أصحابنا: وإن دعت الحاجة جاز اتخاذ أكثر منهما، كما اتخذ عثمان - رضي الله عنه - أربعة، وإن احتاج إلى زيادة على أربعة فالأصح اتخاذهم بحسب الحاجة والمصلحة. انتهى (٢).

وقال في "الطرح": فيه أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان له مؤذنان بالمدينة، وفي "صحيح مسلم" عن عائشة وابن عمر - رضي الله عنهم - قالا: كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مؤذنان:


(١) "طرح التثريب" ٢/ ٢٠٩.
(٢) "شرح النوويّ" ٧/ ٢٠٣.