للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: القول بجواز شهادة الأعمى هو الراجح، كما أسلفته قريبًا، فتنبّه.

١٤ - (ومنها): أن فيه دليلًا على جواز تقليد الأعمى للبصير في معرفة الوقت، أو جواز اجتهاده في ذلك، فإن ابن أم مكتوم كان أعمى، ولم يكن يعرف طلوع الفجر إلا بأحد هذين الأمرين، ومما يرجح أنه كان يُقَلِّدُ قوله في بعض طرقه من حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه-: "وكان ابن أم مكتوم لا يؤذن حتى يقال له: أصبحتَ أصبحتَ"، قال الشيخ تقي الدين في "شرح العمدة": ولو لم يرد ذلك لم يكن في اللفظ جواز رجوعه لاجتهاد بعينه؛ لأن الدال على أحد الأمرين مبهم، لا يدل على واحد منهما بعينه. انتهى.

١٥ - (ومنها): جواز ذكر الرجل بما فيه من العاهة؛ إذا كان بقصد التعريف ونحوه.

١٦ - (ومنها): جوأز نسبة الرجل إلى أمه؛ إذأ اشتهر بذلك، واحتيج إليه، وفي الصحابة -رضي الله عنه- جماعة عُرِفُوا بذلك، منهم ابن بُحينة، ويعلى ابن منية، والحارث ابن الْبَرْصَاء، وغيرهم، وحُكِي أن يحيى بن معين كان يقول: حدثنا إسماعيل ابن عُلَيّة، فنهاه أحمد بن حنبل، وقال: قل: إسماعيل بن إبراهيم، فإنه بلغني أنه كان يكره أن يُنْسَب إلى أمه، فقال: قد قبلنا منك يا معلم الخير، ولهذا استثنى ابن الصلاح في "علوم الحديث" من الجواز ما يكرهه الملَقَّب، وهو حسن، لكن قال الحافظ العراقيّ رحمه الله: الظاهر أن ما قاله أحمد على طريق الأدب، لا اللزوم. انتهى (١).

١٧ - (ومنها): أن فيه استحبابَ أن يكون الأذان على موضع عالٍ؛ لقوله: "ينزل هذا، ويرقى هذا"، والحكمة فيه أنه أبلغ في الإعلام، وهو متفق عليه، قال وليّ الدين: وهل تُلحق به الإقامة في ذلك؟، قال المحامليّ، والبغويّ من أصحابنا: لا، قال النوويّ: وهذا الذي قالاه محمول على ما إذا لم يكن مسجد كبير تدعو الحاجة فيه إلى العلو للإعلام. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "طرح التثريب" ٢/ ٢١٣.
(٢) "طرح التثريب" ٢/ ٢١٣.