للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسالة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في الوقت الذي يَحْرُم فيه الأكل والشرب في الصوم:

قال النوويّ رحمه الله في "شرح المهذّب" ما حاصله: مذهب الشافعيّ، وأبي حنيفة، ومالك، وأحمد، وجماهير العلماء، من الصحابة، والتابعين، فمن بعدهم أن وقت الصوم يدخل بطلوع الفجر، فيحرم الطعام، والشراب، والجماع به.

قال ابن المنذر رحمه الله: وبه قال عمر بن الخطاب، وابن عباس، وعلماء الأمصار، قال: وبه نقول، قال: ورَوَينا عن عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه قال حين صلى الفجر: الآن حين تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود، قال: ورُوي عن حُذيفة -رضي الله عنه- أنه لما طلع الفجر تسخر، ثم صلى، قال: وروي معناه عن ابن مسعود، وقال مسروق: لم يكونوا يَعُدّون الفجر فجركم، إنما كانوا يعدّون الفجر الذي يملأ البيوت والطرق، قال: وكان إسحاق يميل إلى القول الأول من غير أن يطعن على الآخرين، قال إسحاق: ولا قضاء على من أكل في الوقت الذي قاله هؤلاء، هذا كلام ابن المنذر. انتهى كلام النوويّ (١).

وقال في "الفتح": وذهب جماعة من الصحابة -وقال به الأعمش من التابعين، وصاحبه أبو بكر بن عيّاش- إلى جواز السحور إلى أن يتّضح الفجر، فروى سعيد بن منصور (٢)، عن أبي الأحوص، عن عاصم، عن زرّ، عن حذيفة، قال: "تسحّرنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو والله النهار، غير أن الشمس لم تطلع". وأخرجه الطحاويّ من وجه آخر، عن عاصم نحوه. وروى ابن أبي شيبة، وعبد الرزاق ذلك عن حذيفة من طرق صحيحة. وروى سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر من طرق عن أبي بكر أنه أمر بغلق الباب حتى لا يرى الفجر.

وروى ابن المنذر بإسناد صحيح عن عليّ أنه صلى الصبح، ثم قال:


(١) المجموع ٥/ ٣٢٤.
(٢) كان الأولى للحافظ أن يعزو الحديث للنسائيّ، وابن ماجه، فقد أخرجاه، كما هو صنيع المحدثين في عزو الحديث للأمهات الست، ثم إلى غيرها.