للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ومنها): حديث سمرة بن جندب -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يغرّنّكم أذان بلال، ولا هذا العارض لعمود الصبح حتى يستطير"، رواه مسلم.

(ومنها): حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبيّ كتَ قال: "لا يمنعنّ أحدكم - أوأحدًا منكم- أذان بلال من سحوره، فإنه يؤذّن -أو ينادي- بليل ليرجع قائمكم، ولينبّه نائمكم، وليس أن يقول الفجر -أو الصبح- وقال بأصابعه، ورفعها إلى فوقُ، وطأطا إلى أسفل حتى يقول هكذا، وقال بسبابته إحداهما فوق الأخرى، ثم مدّهما عن يمينه وشماله"، رواه البخاريّ.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما ذهب إليه الجمهور، من أن وقت الصوم يدخل بطلوع الفجر هو الأرجح، لظهور أدلّته.

لكن المراد بطلوعه تحققه وتبيّنه، فلو شك في طلوعه جاز له الأكل وغيره حتى يتيقّن طلوعه، لظاهر الآية المذكورة.

قال النوويّ رحمه الله: ولو شكّ في طلوع الفجر جاز له الأكل، والشرب، والجماع، وغيرها بلا خلاف حتى يتحقق الفجر؛ للآية الكريمة: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ}، ولمَا صحّ عن ابن عباس بأنه قال: "كُلْ ما شككت حتى يتبيّن لك"، رواه البيهقيّ بإسناد صحيح، وفي رواية عن حبيب بن أبي ثابت، قال: "أرسل ابن عباس رجلين ينظران الفجر، فقال أحدهما: أصبحت، وقال الآخر: لا، قال: اختلفتما أرني شرابي"، قال البيهقيّ: وروي هذا عن أبي بكر الصدّيق، وعمر، وابن عمر -رضي الله عنه-، وقول ابن عباس: "أرني شرابي " جارٍ على القاعدة أنه يحلّ الشرب، والأكل حتى يتبيّن الفجر، ولو كان قد تبيّن لَمَا اختلف الرجلان فيه؛ لأن خبريهما تعارضا، والأصل بقاء الليل، ولأن قولى: "أصبحت " ليس صريحاً في طلوع الفجر، فقد تطلق هذه اللفظة لمقاربة الفجر، والله أعلم. انتهى كلام النوويّ (١)، وهو بحث نفيش جدًّا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في الأذان للصبح قبل دخول وقتها:


(١) المجموع ٥/ ٣٢١٥.