وتُعُقِّب بان قوله:"لا للصلاة" زيادة في الخبر، وليس فيه حصر فيما ذُكِر.
أفمان قيل،: تقدَّم في تعريف الأذان الشرعيّ أنه إعلام بدخول وقت الصلاة بالفاظ مخصوصة، والأذان قبل الوقت ليس إعلامًا بالوقت.
[فالجواب]: أن الإعلام بالوقت أعمّ من أن يكون إعلامًا بأنه دخل، أو قارب أن يدخل، دمانما اختصت الصبح بذلك من بين الصلوات؛ لأن الصلاة في أول وقتها مرغب فيه، والصبح يأتي غالبًا عقب نوم، فناسب أن يُنصب من يوقظ الناس قبل دخول وقتها؛ ليتأهبوا، ويدركوا فضيلة أول الوقت. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: الحقّ أن الأذان الأول مشروع لما ذُكر في هذا الحديث من أنه ليرجع القائم، ويوقظ النائم، وفيه أنه لا بدّ من إعادة الأذان لصلاة الصبح بعد الوقت، كما هو الثابت عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، والخلفاء الراشدين، وأما القول بالاكتفاء بالأول، كما يقول به مالك، والشافعيّ، وأحمد وأصحابهم، كما عزاه إليهم في "الفتح"، ففيه نظر لا يخفى.
والحاصل أنه لا بدّ من الأذان بعد دخول الوقت، فتبصّر، والله تعالى أعلم.
(وَيُوقِظَ نَائِمَكُمْ) من الإيقاظ، وهو التنبيه، وفي رواية البخاريّ:"وليُنَبّه نائمكم"، قال الكرمانيّ رحمه الله: و"لِيُنَبّه" من التنبيه، وهو الإنباه، وفي بعض الرواية:"ولينتبه" من الانتباه، قال: ومعناه أنه إنما يؤذن بالليل؛ لِيُعَلِّمكم أن الصبح قريب، فَيَرُدّ القائم المتهجد إلى راحته؛ لينام لحظة ليصبح نشيطاً، ويوقظ نائمكم ليتأهب للصبح بفعل ما أراده، من تهجد قليل، أو تسحّر، أو اغتسال، أو إيتار إن كان نام عن الوتر.
(وَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (لَيْسَ أَنْ يَقُولَ) وفيه إطلاق القول على الفعل؛ أي ليس أن يَظْهَر الفجر.
[تنبيه]: يَحْتَمل أن يكون اسم "ليس" ضميرًا يعود إلى الفجر المفهوم، و"أن يقول" خبرها؛ أي ليس الفجر ظهورَهَ هكذا، وَيحْتَمِل أنه اسمها، وخبرها محذوف؛ أي ليس ظهورُ الفجر هكذا مانعًا من الأكل، والله تعالى أعلم.
وقوله:(هَكَذَا وَهَكَذَا) إشارة إلى أسفل، وإلى أعلى، كما أوضحه بقوله: