للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَصَوَّبَ يَدَهُ) أي أمالها إلى أسفل، يقال: صوّبتُ الإناءَ: إذا أملته، وصوّبت رأسي: إذا خفضته (١). (وَرَفَعَهَا) أي رفع يده إلى السماء.

(حَتى يَقُولَ) أي يظهر الفجر (هَكَذَا"، وَفَرَّجَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ) بكسر الهمزة، وفتح الموحّدة أفصح لغاتها؛ إذ فيها عشر لغات: فتح الهمزة، وضمها، وكسرها، وكذلك الباء الموحّدة، فهذه تسع لغات، والعاشر أصبوع، بوزن عُصْفُور.

والمراد بالإصبعين هما السبّابتان، كما بيّنته الروايات الأخرى، ففي التالية: "إن الفجر ليس الذي يقول هكذا، وجمع بين أصابعه، ثم نكّسها إلى الأرض، ولكن الذي يقول هكذا، ووضع الْمُسَبِّحة على المسبّحة، ومدّ يديه"؛ أي مدّ يمينه إلى جهة اليمين، ومدّ شماله إلى جهة الشمال؛ إشارة إلى انتشار الصبح الصادق في أفق المشرق.

وفي الرواية الأخرى: "هو المعترض، وليس بالمستطيل وفي الأخرى: "لا يغرّنّكم من سحوركم أذان بلال، ولا بياض الأفق المستطيل هكذا، حتى يستطير هكذا قال الراوي: يعني معترضًا.

قال النوويّ+إللهُ: وفي هذه الأحاديث بيان الفجر الذي تتعلّق به الأحكام، وهو الفجر الثاني الصادق المستطير بالراء، وفيها أيضًا الإيضاح في البيان، والإشارة؛ لزيادة البيان في التعليم. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ رحمه الله: أشار النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إلى أن الفجر الأول يطلُع في السماء، ثم يرتفع طرَفه الأعلى، وينخفض طرفه الأسفل، وقد بيّن هذا بقوله: "ولا بياض الأفق المستطيل"؛ يعني الذي يطلع طويلاً، فهذا البياض هو المسمَّى بالفجر الكاذب، وشُبّه بذنب السَّرْحان، وهو الذئب، وسُمّي به، وهذا الفجر لا يتعلّق عليه حكم، لا من الصيام، ولا من الصلاة، ولا من غيرهما، وأما الفجر الصادق، فهو الذي أشار إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث وضع المسبِّحة على المسبِّحة، ومدّ يديه، وهو إشارة إلى أنه يطلع معترضًا، ثمّ يعمّ الأفق ذاهبًا فيه عرضًا، ويستطير؛ أي ينتشر. انتهى (٣).

وفي رواية البخاريّ: "وليس أن يقول الفجر، أو الصبح، وقال بأصابعه،


(١) راجع: "المصباح المنير" ١/ ٣٥٠ - ٣٥١.
(٢) "شرح النوويّ " ٧/ ٢٠٥.
(٣) "المفهم" ٣/ ١٥٣ - ١٥٤.