للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لي" ("إِذَا أقبَلَ اللَّيْلُ) زاد في رواية البخاريّ: "من ها هنا"؛ أي: من جهة المشرق، والمراد به وجود الظلمة حسًّا (وَأَدْبَرَ النَّهَارُ) زاد في رواية البخاريّ أيضًا: "من ها هنا"؛ أي من جهة المغرب (وَغَابَت الشَّمْسُ) وللبخاريّ: "وغربت الشمس".

قال الطيبيّ رَحِمَهُ اللهُ: وإنما قال: "وغابت الشمس" مع الاستغناء عنه؛ لبيان كمال الغروب؛ كيلا يُظَنّ أنه يجوز الإفطار لغروب بعضها. انتهى (١).

قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: قال العلماء: كلُّ واحد من هذه الثلاثة يتضمّن الآخَرَين، ويلازمهما، وإنما جَمَعَ بينها؛ لأنه قد يكون في وادٍ، ونحوه، بحيث لا يُشاهد غروب الشمس، فيَعتَمِد إقبال الظلام، وإدبار الضياء. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": ذكر في هذا الحديث ثلاثة أمور؛ لأنها وإن كانت متلازمة في الأصل، لكنها قد تكون في الظاهر غير متلازمة، فقد يُظَنّ إقبال الليل من جهة المشرق، ولا يكون إقباله حقيقةً، بل لوجود أمر يُغَطِّي ضوء الشمس، وكذلك إدبار النهار، فمن ثَئم قَيَّد بقوله: "وغربت الشمس"؛ إشارةً إلى اشتراط تحقق الإقبال والإدبار، وأنهما بواسطة غروب الشمس، لا بسبب آخر، ولم يذكر ذلك في الحديث الثاني -يعني حديث ابن أبي أوفى الآتي- فَيَحْتَمِل أن يُنَزَّل على حالين، أما حيث ذكرها ففي حال الغيم مثلًا، وأما حيث لم يذكرها، ففي حال الصحو، ويَحْتَمِل أن يكونا في حالة واحدة، وحَفِظَ أحد الراويين ما لم يحفظ الآخر.

وإنما ذكر الإقبال والادبار معًا؛ لإمكان وجود أحدهما مع عدم تحقق الغروب، قاله القاضي عياض: رَحِمَهُ اللهُ.

وقال الحافظ العراقيّ رَحِمَهُ اللهُ في "شرح الترمذيّ": الظاهر الاكتفاء باحد الثلاثة؛ لأنه يُعْرَف انقضاء النهار بأحدهما، ويُؤيِّده الاقتصار في رواية ابن أبي أوفى على إقبال الليل. انتهى.

(فَقَدْ أفطَرَ الصَّائِمُ") أي دخل في وقت الفطر، كما يقال: أنجد: إذا أقام بنجد، وأَتْهَمَ: إذا أقام بتِهَامة، قاله في "الفتح".


(١) "مرقاة المفاتيح" ٤/ ٤١٨.
(٢) "شرح النوويّ" ٧/ ٢٠٩.