للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال في "المرقاة": أي صار مفطرًا حكمًا، وإن لم يفطر حسًا كذا في "النهاية"، و"شرح السنة" بدليل الاحتياج إلى نية الصوم للغد، وإن لم يأكل ويشرب، وقيل: دخل في وقت الإفطار، قال أبو عبيد: فيه ردٌّ على المواصلين؛ أي ليس للمواصل فضل على الآكل؛ لأن الليل لا يقبل الصوم، وقال الطيبيّ: ويمكن أن يُحْمَل الإخبار على الانشاء إظهارًا للحرص على وقوع المأمور به. انتهى (١).

وقال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: معناه: انقضى صومه، وتَمّ، ولا يوصف الآن بانه صائمٌ، فان بغروب الشمس خرج النهار، ودخل الليل، والليل ليس محلًّا للصوم. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: هذه الأمور الثلاثة متلازمة؛ إذا حصل الواحد منها حصل سائرها، وإنما جمعها في الذكر -والله أعلم- لأن الناظر قد لا يرى عين غروب الشمس؛ لحائل، وَيرَى ظلمة الليل في المشرق، فيحلّ له إذ ذاك الفطر، وإقبال الليل: إقبال ظلمته، وإدبار النهار: إدبار ضوئه، ومجموعهما إنما يَحْصُلُ بغروب الشمس. انتهى (٣).

وقال في دة الفتح" -بعد ذكر ما تقدّم-: ويَحْتَمِل أن يكون معناه: فقد صار مُفْطِرًا في الحكم؛ لكون الليل ليس ظرفًا للصيام الشرعيّ، وقد رَدّ ابن خزيمة هذا الاحتمال، وأومأ إلى ترجيح الأول، فقال: قوله: "فقد أفطر الصائم" لفظُ خبر، ومعناه: الأمر؛ أي فليفطر الصائم، ولو كان المراد: فقد صار مفطرًا كان فِطْرُ جميع الصُّوّام واحدًا، ولم يكن للترغيب في تعجيل الإفطار معنًى. انتهى.

قال الحافظ: وقد يجاب بأن المراد: فعل الإفطار حسًّا؛ ليوافق الأمر الشرعيّ، ولا شك أن الأول أرجح، ولو كان الثاني مُعْتَمَدًا، لكان مَن حَلَف أن لا يفطر، فصام فدخل الليل حَنِث بمجرد دخوله، ولو لم يتناول شيئًا.


(١) "مرقاة المفاتيح" ٤/ ٤١٨.
(٢) "شرح النوويّ" ٧/ ٣٠٩.
(٣) "المفهم" ٣/ ١٥٨.