للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٥ - (ومنها): أن فيه الاستكشافَ عن حكمة النهي.

٦ - (ومنها): أن فيه ثبوت خصائصه -صلى الله عليه وسلم-، وأن عموم قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} الآية [الأحزاب: ٢١] مخصوص بمثل هذا الحديث.

٧ - (ومنها): أن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يرجعون إلى فعله -صلى الله عليه وسلم- المعلوم صفته، ويبادرون إلى الائتساء به إلا فيما نهاهم عنه.

٨ - (ومنها): أن خصائصه -صلى الله عليه وسلم- يُتَأَسَّى به في جميعها، قال في "الفتح": وقد توقف في ذلك إمام الحرمين، وقال أبو شامة: ليس لأحد التشبه به في المباح، كالزيادة على أربع نسوة، ويستحب التنزه عن المحرم عليه، والتشبه به في الواجب عليه كالضحى، وأما المستحب فلم يتعرض له، والوصال منه، فَيَحْتَمِل أن يقال: إن لم يَنْهَ عنه لم يُمْنَع الائتساء به فيه، والله أعلم. انتهى.

٩ - (ومنها): أن فيه بيانَ قدرة الله تعالى على إيجاد المسببات العاديات من غير سبب ظاهر.

١٠ - (ومنها): أن فيه أبينَ دليل، وأوضحَ حجة على أن فعله -صلى الله عليه وسلم- إذا تعارض مع قوله، إما أن يُجمع بينهما، أو يُطلب الترجيح، ولا يقال: إن قوله يقدّم على فعله، كما يقول به بعض الأصوليين، وجه دلالة الحديث على هذا أن الصحابة -رضي الله عنهم- لما واصل النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد نهيه لهم عنه، فهِموا أن نهيه ليس للتحريم، فواصلوا، فسألهم عن وصالهم بعد نهيه لهم عنه، فأشاروا بأنهم تركوا قوله؛ اتّباعًا لفعله؛ ظنًّا منهم أن فعله في هذا للجواز، فلو كان القول يقدّم على الفعل لقال لهم: إذا تعارض قولي مع فعلي، فخذوا بقولي؛ لأن القول لكم، والفعل لي، فلمّا عدل عن هذا إلى قوله: "إني لست كأحدكم … " عرفنا أن هذا خصوصيّة له -صلى الله عليه وسلم-، ولولا هذا لكان ما فهمه الصحابة -رضي الله عنهم- صوابًا، وأنه إذا تعارض القول مع الفعل يكون كتعارض القولين سواءً، وطريق العمل في ذلك الجمع، أو النسخ، أو الترجيح، كما هو مشهور في محلّه، فتنبّه لهذه الدقيقة، فإن فيها زلّ قدم كثير من الفقهاء والأصوليين، وقد أشبعت البحث في هذا في غير هذا الموضع، ولا سيّما في "التحفة