للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المرضيّة" و"شرحها"، فراجعهما تستفد علمًا جمًّا، والله تعالى أعلم.

١١ - (ومنها): بيان أن الوصال من خصائصه -صلى الله عليه وسلم-، قال الشافعيّ رَحِمَهُ اللهُ بعد أن ذكر حديث النهي عن الوصال: وفرَّق الله بين رسوله -صلى الله عليه وسلم- وبين خلقه في أمور، أباحها له، وحظرها عليهم، وذكر منها الوصال، وقال الخطابيّ رَحِمَهُ اللهُ: الوصال من خصائص ما أبيح لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو محظور على أمته، وحَكَى النوويّ في "شرح المهذَّب" اتفاق نصوص الشافعيّ والأصحاب على أنه من الخصائص، ثم ذكر خلافًا في كيفية ذلك، فنقل عن الشافعيّ والجمهور أنه مباح له، وعن إمام الحرمين أنه قربة في حقه، وفي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: "إنكم لستم في ذلك مثلي … "، وفي "سنن أبي داود" عن عائشة -رضي الله عنها-: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي بعد العصر، وينهى عنها، ويواصل، وينهى عن الوصال" (١).

١٢ - (ومنها): ما قاله النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: قال أصحابنا: الحكمة في النهي عن الوصال أن لا يضعف عن الصيام، وسائر الطاعات، أو يَمَلّها ويسأم؛ لضعفه بالوصال؛ إذ يتضرر بدنه، أو بعض حواسّه، أو غير ذلك من أنواع الضرر. انتهى.

ويشير إلى ذلك قوله في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الآتي في تتمة الحديث: "فاكْلَفُوا من العمل ما تطيقون".

وقال الحافظ العراقيّ رَحِمَهُ اللهُ في "شرح الترمذي": وَيحْتَمِل أن النهي عن ذلك خوف أن يُفتَرض عليهم، فيَعْجَزوا عنه، كما ورد في قيام رمضان، وعلى هذا فقد امِنَ من ذلك بعده -صلى الله عليه وسلم-. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: ما قاله العراقيّ رَحِمَهُ اللهُ وإن كان محتَمِلًا، فبناء على قوله: "وعلى هذا إلخ" بعيدٌ، فالحق أن النهي لا يزال مستمرًّا بعد موته -صلى الله عليه وسلم-، فتنبّه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في معنى الوصال:

قال وليّ الدين رَحِمَهُ اللهُ: الوصال هنا أن يصوم يومين فصاعدًا، ولا يتناول


(١) "طرح التثريب" ٤/ ١٣١ - ١٣٢.
(٢) "طرح التثريب" ٤/ ١٣٢.