للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في الليل لا ماءً، ولا مأكولًا، فإن أكل شيئًا يسيرًا، أو شرِبَ ولو قطرةً فليس وصالًا، وكذا إن أخّر الأكل إلى السحر؛ لمقصود صحيح، أو غيره فليس بوصال، كذا قاله الجمهور من أصحابنا وغيرهم، وقال الرُّويانيّ في "الحلية": هو أن يَصِلَ صوم الليل بصوم النهار قصداً، فلو ترك الأكل بالليل لا على قصد الوصال، والتقرب إلى الله تعالى به لم يحرم.

وقال البغويّ: العصيان في الوصال؛ لقصده إليه، وإلا فالفطر حاصل بدخول الليل، كالحائض إذا صلّت عَصَت، وإن لم يكن لها صلاة.

قال النوويّ في "شرح المهذب": وهو خلاف إطلاق الجمهور، وخلاف ما صَرَّح به إمام الحرمين، ثم قال النوويّ: والصواب أن الوصال ترك الأكل والشرب في الليل بين الصومين عمدًا، بلا عذر.

قال الإمام الإسنويّ: ومقتضاه أن ما عدا الأكل والشرب، كالجماع، والاستقاء، وغيرهما من المفطرات لا يخرجه عن الوصال، وهو ظاهر من جهة المعنى؛ لأن النهي عن الوصال إنما هو لأجل الضعف، وهذه الأمور تزيده، أو لا تمنع حصوله، لكن ذكر جماعة خلاف ذلك، منهم الرويانيّ في "البحر"، قال: الوصال المكروه أن لا يَطْعَم بالليل بين يومي صوم، ويستديم جميع أوصاف الصائمين، والجرجانيّ في "الشافي" قال: الوصال أن يترك بالليل ما أبيح له من غير إفطار.

وقال ابن الصلاح: يزول بما يزول به صورة الصوم، وقال الإسنوي أيضًا: وتعبيرهم بصوم يومين، يقتضي أن المأمور بالإمساك، كتارك النية لا يكون امتناعه بالليل من تعاطي المفطرات وصالًا؛ لأنه ليس بين صومين إلا أن الظاهر أن ذلك جرى على الغالب. انتهى.

وكلام القاضي أبي بكر ابن العربيّ يُشْعِر بأن الوصال هو الإمساك بعد حِلِّ الفطر، فإنه حَكَى في حكمه ثلاثة أقوال: التحريم، والجواز، وثالثها أن يواصل إلى السحر، قاله أحمد، وإسحاق، ثم قال: والصحيح منعه، فيقتضي أن المواصلة إلى السحر داخلة في حدّ الوصال، وأن جميع أنواع الوصال حرام، حتى إنه يحرم عليه أن يواصل بعد الغروب، وذلك يصدق بتأخير الفطر قليلًا، وهذا لا يقوله أحد، لا أهل الظاهر، ولا غيرهم، إلا أن القاضي