للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عياضًا حَكَى عن بعض العلماء أن الإمساك بعد الغروب لا يجوز، وهو كإمساك يوم الفطر، ويوم النحر، وقال بعضهم: ذلك جائزٌ، له أجر الصائم. انتهى، وكلا القولين مردودٌ.

أما تحريم الإمساك بعد الغروب، فلقوله -صلى الله عليه وسلم-: "فأيكم أراد أن يواصل، فليواصل إلى السحر"، أخرجه البخاريّ من حديث أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه-، والظاهر أن صاحب هذه المقالة، إنما أراد تحريم الإمساك المستمرّ إلى آخر الليل، ولم يُرِد تحريم مطلق الإمساك، فإن هذا لا يمكن القول به، إلا أن ينضم إلى ذلك نية الصوم، واعتقاد كونه صومًا شرعيًّا، والخلل في ذلك من عبارة القاضي، وأنها غير وافية بالمقصود.

وأما القول بان له أجر الصائم، فكيف يصح والليل ليس محلًّا للصوم، ولو نواه فيه لم ينعقد، فكيف يكتب له أجر صومه؟. انتهى (١).

قمال الجامع عفا الله عنه: أقرب الأقوال عندي قول من قال: إن الوصال إنما يكون بترك الأكل والشرب؛ لأن هذا هو الذي يدل عليه ظاهر قوله -صلى الله عليه وسلم-: "أبيت عند ربيّ يُطعمني، ويسقيني"، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في حكم الوصال:

قال الحافظ وليّ رَحِمَهُ اللهُ: اختَلف العلماء في هذه المسألة، فذهب الجمهور إلى النهي عنه، وحَكَى ابن المنذر كراهته عن مالك، والثوريّ، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وقال العبدريّ من أصحابنا: هو قول العلماء كافّة، إلا ابن الزبير، وهو متفق عليه في مذهب الشافعيّ.

واختلفوا في أنها كراهة تحريم، أو تنزيه، وفيه وجهان مشهوران للشافعية، أصحهما عندهم، وهو ظاهر نصّ الشافعيّ أنها كراهة تحريم. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": اختُلِف في المنع المذكور، فقيل: على سبيل


(١) "طرح التثريب في شرح التقريب" ٤/ ١٢٨ - ١٣٠.
(٢) "طرح التثريب" ٤/ ١٣٠.