قبله، فلا ينبغي أن يعوّل؛ لمخالفته تلك النصوص، فتبصّر.
[القول الرابع]: الفرق بين أن يامن على نفسه بالقبلة الجماع والإنزال، فتباح، وبين أن لا يامن فتكره، وهذا مذهب الحنفية، وهو مثل قول الشافعية: إن القبلة مكروهة في الصوم من حركت شهوته دون غيره، فلا تكره له، لكن الأولى تركها، لكن ظاهر كلام الحنفية الاقتصار في ذلك على كراهة التنزيه، واختلف الشافعيّة في هذه الكراهة، فالذي ذهب إليه جماعات منهم، وصححه الرافعيّ، والنوويّ أنها كراهة تحريم، وقال آخرون منهم: هي كراهة تنزيه، وقد جعل الحافظ العراقيّ في "شرح الترمذيّ" هذا القول هو القول بالتفرقة بين الشيخ والشابّ، وأن التغاير بينهما في العبارة، والمعنى هو واحد، وهو الذي تُفهمه عبارة النوويّ في "شرح مسلم"، قال وليّ الدين: وله وجه، ويكون التعبير بالشيخ والشابّ جرى على الأغلب من أحوال الشيوخ في انكسار شهوتهم، ومن أحوال الشباب في قوّة شهوتهم، فلو انعكس الأمر كشيخ قويّ الشهوة، وشابّ ضعيف الشهوة انعكس الحكم.
قال وليّ الدين: وجعلتهما مذهبين متغايرين، وهو ظاهر كلام ابن المنذر؛ لأن صاحب القول الثالث اعتَبَر المظنة، ولم ينظر إلى نفس تحريك الشهوة وعدمها، وصاحب القول الرابع نظر إلى وجود هذا المعنى بعينه، ولم ينظر إلى مظنته، ويدل لذلك أن النوويّ قال في "شرح المهذب": ولا فرق بين الشيخ والشابّ في ذلك، فالاعتبار بتحريك الشهوة، وخوف الإنزال، فإن حركت شهوةً كشابّ، أو شيخ قويّ كُرهت، وإن لم تحركها كشيخ، أو شابٍّ ضعيف لم تكره.
قال الجامع عفا الله عنه: هذه التفريقات التي قالها أهل هذا المذهب ليس عليها دليلٌ من النصوص الواردة في المسألة، فتبصّر.
[القول الخامس]: مذهب الحنابلة أنه إن كان المقبِّل ذا شهوة مُفْرِطة، بحيث يغلب على ظنه أنه إذا قبَّل أنزل، لم تحل له القبلة، وإن كان ذا شهوة، لكنه لا يغلب على ظنه ذلك كُرِه له التقبيل، ولا يحرم، وإن كان ممن لا تحرك القبلة شهوته، كالشيخ الهرِمِ، ففي الكراهة روايتان عن أحمد.
[القول السادس]: التفرقة بين صيام الفرض والنفل، فيكره في الفرض