للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

دون النفل، وهو رواية ابن وهب عن مالك، ويرُدّه حديث عمرو بن ميمون، عن عائشة - رضي الله عنها -: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان يقبّل في شهر الصوم، رواه مسلم وغيره، وفي رواية له: كان يقبّل في رمضان، وهو صائم.

فاحتَجَّ من أباح مطلقاً بهذا الحديث، وقال: الأصل استواء المكلفين في الأحكام، وأن أفعاله - صلى الله عليه وسلم - شَرْع يُقْتَدى به فيها.

واحتَجَّ من كره مطلقاً (١) بأن غيره - صلى الله عليه وسلم - لا يساويه في حفظ نفسه عن المواقعة بعد ميله إليها، فكان ذلك أمراً خاصًّا به، ويدل لذلك قولها: "وأيكم كان أملك لإربه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ".

وَيرُدّه ما في "صحيح مسلم" وغيره عن عُمَر بن أبي سلمة، أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيقبّل الصائم؟ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سل هذه" لأم سلمة، فأخبرته أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع ذلك، فقال: يا رسول الله، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما والله، إني لأتقاكم لله، وأخشاكم له".

فهذا صريح في أن ذلك ليس من خصائصه - صلى الله عليه وسلم -، قال وليّ الدين -رَحِمَهُ اللهُ-:


(١) ومما احتج به المانعون أيضًا ما رواه ابن ماجه في "سننه" من طريق إسرائيل، عن زيد بن جبير، عن أبي يزيد الضِّنِّيّ، عن ميمونة مولاة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قالت: سئل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن رجل قتل امرأته، وهما صائمان، قال: "قد أفطرا"، وأخرجه الطحاويّ، ولفظه: عن ميمونة بنت سعد، قالت: سئل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن القبلة للصائم، فقال: "أفطرا جميعاً"، وإسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعيّ، وأبو يزيد الضنيّ -بكسر الضاد المعجمة، والنون المشددة-: نسبة إلى ضِنّة، قال الدارقطني: ليس بمعروف، وقال ابن حزم: مجهول، وميمونة بنت سعد، وقيل: سعيد، خادم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأخرجه ابن حزم، ولفظه: عن ميمونة بنت عقبة، مولاة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقال الدارقطنيُّ: لا يثبت هذا الحديث، وكذا قال السهيلي، والبيهقيّ، وقال الترمذيّ: سألت محمداً عنه -يعني البخاريّ - فقال: هذا حديث منكر، لا أحدث به، وأبو يزيد لا أعرف اسمه، وهو رجل مجهول. ذكره في "عمدة القاري" ١١/ ٩٠.
فقد تبيّن أن هذا أيضًا من أضعف حججهم، فلا متمسّك لهم، فتنبّه.