للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعمر بن أبي سلمة هذا هو الْحِمْيَريّ، كذا جاء مُبَيَّناً في رواية البيهقيّ، وليس هو ابن أم سلمة (١).

قال الجامع عفا الله عنه: فهل بعد هذا النصّ خصام؟ فإن عمر بن أبي سلمة راجع النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأبدى له مانعاً، وهو أن هذا خاصّ به - صلى الله عليه وسلم -، وأما غيره فليس مثله؛ لأنه ربما تغلبه شهوته، ومع ذلك فقد رذ عليه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن هذا عامّ لأمته جميعاً شباباً وشيوخاً، ومن تتحرّك شهوتهم، ومن لا تتحرّك، فهذا هو الحقّ الصريح، والمنهج الصحيح، فلا مجال للخصام بعد ظهور المرام.

قال: واحتَجّ من فرّق بين الشيخ والشاب، أو بين من يأمن على نفسه المواقعة، وبين من لا يأمنها بأنه - صلى الله عليه وسلم - كان آمناً من ذلك؛ لشدة تقواه وورعه، فكل من أَمِن ذلك كان في معناه، فالتحق به في حكمه، ومن ليس في معناه في ذلك فهو مغاير له في هذا الحكم.

ورخح وليّ الدين هذا القول - وقال: هذا أرجح الأقوال - بما رواه أحمد، والطبرانيّ، في "معجمه الكبير" عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: كنا عند النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فجاء شابّ، فقال: يا رسول الله أقبِّل وأنا صائم؟ قال: "لا"، فجاء شيخ، فقال: أقبّل وأنا صائم؟ قال: "نعم"، قال: فنظر بعضنا إلى بعض، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد علمت لمَ نظر بعضكم إلى بعض؟، إن الشيخ يملك نفسه".

ومن الغريب احتجاجه بهذا مع أنه من رواية ابن لهيعة، وهو ضعيف عند الجمهور لو روى حديثاً لم يخالف به، فكيف وقد رَوَى حديثاً خالف به الأحاديث الكثيرة الصحيحة التي أخرجها الشيخان في صحيحيهما" وغيرهما من أنه - صلى الله عليه وسلم - أنكر على من راجعه في المسألة، إن هذا لهو العجب العجاب.


(١) هذا غلط من صاحب "الطرح"، والصواب أنه عمر بن أبي سلمة، ولد أم سلمة، وقد صرّح بهذا في "تحفة الأشراف" (٧/ ٣١٧) وكذا في "الفتح"، فقد صرّح بأنه ابن أم سلمة، فقال: هو ربيب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وما عزاه إلى البيهقيّ، فغير صحيح، ولعله التبس عليه الراوي عنه، فقد رواه عنه عبد الله بن كعب الحميريّ، كما سيأتي عند المصنّف آخر الباب، وسنحقّقه هناك، فتنبّه.