للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

محمد بن عبد الله بن معبد، عن سليمان بن حرب، كما قال البخاريّ، وكأنّ سليمان بن حرب حدّث به على الوجهين، فإن كان حفظه عن شعبة، فلعل شعبة حذث به على الوجهين، وإلا فأكثر أصحاب شعبة لم يقولوا فيه من هذا الوجه: عن الأسود، وإنما اختلفوا، فمنهم من قال، كرواية يوسف المتقدمة، وصورتها الإرسال، وكذا أخرجه النسائيّ من طريق عبد الرحمن بن مهديّ، عن شعبة، ومنهم من قال: عن إبراهيم، عن علقمة، وشريح.

وقد ترجم النسائيّ في "سننه" الاختلافُ فيه على إبراهيم، والاختلاف على الحكم، وعلى الأعمش، وعلى منصور، وعلى عبد الله بن عون، كلهم عن إبراهيم، وأورده من طريق إسرائيل، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: خرج نَفَرٌ من النَّخَع، فيهم رجل يُدْعَى شُريحاً، فحدّث أن عائشة قالت، فذكر الحديث، قال: فقال له رجل: لقد هممت أن اضرب رأسك بالقوس، فقال: قولوا له: فَلْيَكُفّ عني حتى نأتي أم المؤمنين، فلما أتوها قالوا لعلقمة: سلها، فقال: ما كنت لأرفُث عندها اليوم، فسمعته، فقالت، فذكر الحديث، ثم ساقه من طريق عبيدة، عن منصور، فجعل شريحاً هو المنكر، وأبهم الذي حدَّث بذلك عن عائشة، ثم استوعب النسائيّ طرقه، وعُرِف منها أن الحديث كان عند إبراهيم، عن علقمة، والأسود، ومسروق جميعاً، فلعله كان يحدِّث به تارةً عن هذا، وتارةً عن هذا، وتارة يجمع، وتارة يُفَرِّق.

وقد قال الدارقطنيّ بعد ذكر الاختلاف فيه على إبراهيم: كلها صحاحٌ، وعُرِف من طريق إسرائيل سبب تحديث عائشة - رضي الله عنها - بذلك، واستدراكها على من حدَّث عنها به على الإطلاق بقولها: "ولكنه كان أملككم لإربه"، فأشارت بذلك إلى أن الإباحة من يكون مالكاً لنفسه، دون من لا يَأْمَن من الوقوع فيما يَحْرُم.

وفي رواية حماد، عند النسائيّ: قال الأسود: قلت لعائشة: أيباشر الصائم؟ قالت: لا، قلت: أليس كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يباشر، وهو صائم؟ قالت: إنه كان أملككم لإربه، وظاهر هذا أنها اعتقدت خصوصية النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بذلك، قاله القرطبيّ، قال: وهو اجتهاد منها، وقول أم سلمة - رضي الله عنها -يعني الآتي ذكره - أولى أن يؤخذ به؛ لأنه نصٌّ في الواقعة.