(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟ ") "ما" موصولة مفعول "تجد"، و"تُعتق" بضمّ أوله، من الإعتاق صلتها، والعائد محذوف؛ أي الذي تُعتقه، و"رقبةً" منصوب على البدليّة من "ما"، وفي رواية الليث:"هل تجد رقبةً؟ "، وفي مالك:"فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُكفّر بعتق رقبة"، وفي رواية ابن جريجٍ:"أمر رجلًا أفطر في رمضان أن يُعتق رقبةً"، وكلّها تأتي للمصنّف، وفي رواية:"هل تجد رقبةً نُعتقها؟ "، وفي رواية منصور:"أتجد ما تُحَرِّر رقبةً؟ "، وفي رواية إبراهيم بن سعد، والأوزاعيّ:"فقال: أعتق رقبةً"، وكلها عند البخاريّ، وفي رواية ابن أبي حفصة عند أحمد:"أتستطيع أن تُعتِق رقبةً؟ "، زاد في رواية مجاهد، عن أبي هريرة:"فقال: بئسما صنعتَ، أَعْتِق رقبةً".
[تنبيه]: قال الأزهريّ: إنما قيل لمن أَعتق نسمة: أَعْتَق رقبةً، وفَكّ رقبةً، فخُصّت الرقبة دون بقية الأعضاء؛ لأن حكم السيد، وملكه كالحبل في رقبة العبد، وكالْغُلّ المانع له من الخروج عنه، فإذا أُعتق فكأنه أطلق من ذلك. انتهى (١).
(قَالَ) الرجل (لَا) أي لا أستطيع، في رواية عبد الرَّحمن بن مسافر عند الطحاويّ:"فقال: لا، والله يا رسول الله"، وفي رواية ابن إسحاق عند البزّار:"ليس عندي"، وفي حديث ابن عمر:"فقال: والذي بعثك بالحقّ ما ملكت رقبةً قطّ".
واستُدِلّ بإطلاق الرقبة على جواز إخراج الرقبة الكافرة، كقول الحنفية، وهو ينبني على أن السبب إذا اختَلَف، واتّحَد الحكمُ، هل يُقَيَّد المطلق، أو لا؟ وهل تقييده بالقياس أو لا؛ والأقرب أنه بالقياس، ويؤيده التقييد في مواضع أخرى، قاله في "الفتح".
وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وإطلاق الرقبة يقتضي جواز الكافرة، وهو مذهب أبي حنيفة، وجواز المعيبة، وهو مذهب داود، والجمهور على خلافهما، فإنهم شرطوا في إجزاء الرقبة الإيمان، بدليل تقييدها به في كفّارة القتل، وهي مسألة حمل المطلق على المقيّد المعروفة في الأصول، وبدليل أن مقصود الشرع