للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأول بالعتق تخليص الرقاب من الرقّ؛ ليتفرّغوا لعبادة الله تعالى، ولنصر المسلمين، وهذا المعنى مفقود في حقّ الكافر، وقد دلّ على صحّة هذا المعنى قوله في حديث السوداء: "أعتقها، فإنها مؤمنة"، رواه مسلم، وأما العيب فنقص في المعنى، وفي القيمة، فلا يجوز له؛ لأنه في معنى عتق الجزء، كالثلث، والربع، وهو ممنوع با لاتفاق. انتهى كلام القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - (١)، وهو تحقيق نفيسٌ، والله تعالى أعلم.

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("فَهَلْ تَسْتَطِيعُ) أي تَقْوَي، وتَقْدِرُ (أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ ") أي متواليين، وهو حجة للجمهور في اشتراط التتابع في الكفّارة على ابن أبي ليلى؛ إذ لَمْ يشترطه، قاله القرطبيّ (٢).

(قَالَ) الرجل (لَا) وفي رواية إبراهيم بن سعد المذكورة: "قال: فصم شهرين متتابعين"، وفي حديث سعد: "قال: لا أقدر"، وفي رواية ابن إسحاق: (وهل لقيتُ ما لقيتُ إلَّا من الصيام؟ ".

قال ابن دقيق العيد: لا إشكال في الانتقال عن الصوم إلى الإطعام، لكن رواية ابن إسحاق هذه اقتضت أن عدم استطاعته؛ لشدة شَبَقِه، وعدم صبره عن الوقاع، فنشأ للشافعية نظر: هل يكون ذلك عذرًا؛ أي شدّة الشَّبَق حتى يُعَدّ صاحبه غير مستطيع للصوم، أو لا؛ والصحيح عندهم اعتبار ذلك، ويَلتحق به من يَجِد رقبة لا غنى به عنها، فإنه يسوغ له الانتقال إلى الصوم مع وجودها؛ لكونه في حكم غير الواجد.

وأما ما رواه الدارقطنيّ من طريق شريك، عن إبراهيم بن عامر، عن سعيد بن المسيِّب في هذه القصة مرسلًا أنه قال في جواب قوله: "هل تستطيع أن تصوم؟ ": إني لأدع الطعام ساعةً، فما أطيق ذلك، ففي إسناده مقال، وعلى تقدير صحته، فلعله اعتل بالأمرين، قاله في "الفتح" (٣).

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ ") "ما" موصولة بتقدير العائد؛ أي الذي تُطعمه، أو مصدريّة؛ أي إطعام ستين مسكينًا، وفي رواية


(١) "المفهم" ٣/ ١٧٠.
(٢) "المفهم" ٣/ ١٧٠.
(٣) "الفتح" ٥/ ٣١٢.