للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البخاريّ: "فهل تجد إطعام ستين مسكينًا" (قَالَ) الرجل (لَا) أي لا أستطيع، وفي رواية ابن أبي حفصة: "أفتستطيع أن تُطعم ستين مسكينًا؟ قال: لا"، وذكر الحاجة، وفي حديث ابن عمر: "قال: والذي بعثك بالحقّ ما أُشبع أهلي".

قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "ستين مسكينًا" حجة للجمهور في اشتراط عدد الستّين على الحسن؛ إذ قال: يُطعم أربعين، وعلى أبي حنيفة؛ إذ يقول: يجوز إعطاء طعام ستين مسكينًا لمسكين واحد، وهوأصله في هذا الباب. انتهى (١).

وقال ابن دقيق العيد - رَحِمَهُ اللهُ -: أضاف الإطعام الذي هو مصدر أطعم إلى "ستين"، فلا يكون ذلك موجودًا في حقّ من أطعم ستة مساكين عشرة أيام مثلًا، ومن أجاز ذلك، فكأنه استَنْبَطَ من النص معنى يعود عليه بالإبطال، والمشهور عن الحنفية الإجزاء، حتى لو أطعم الجميع مسكينًا واحدًا في ستين يومًا كفى.

والمراد بالإطعام الإعطاء، لا اشتراط حقيقة الإطعام من وضع المطعوم في الفم، بل يكفي الوضع بين يديه بلا خلاف.

وفي إطلاق الإطعام ما يدلّ على الاكتفاء بوجود الإطعام من غير اشتراط مناولة، بخلاف زكاة الفرض، فإن فيها النصّ على الإيتاء، وصدقة الفطر، فإن فيها النصّ على الأداء.

وفي ذكر الإطعام ما يدلّ على وجود طاعمين، فيخرج الطفل الذي لَمْ يَطْعَم، كقول الحنفية، ونظر الشافعي إلى النوع، فقال يُسَلَّم لوليّه.

وذكر الستين؛ ليُفْهِم أنه لا يجب ما زاد عليها، ومن لَمْ يقل بالمفهوم تمسك بالإجماع على ذلك.

[تنبيه]: ذُكِر في حكمة هذه الخصال من المناسبة، أن مَن انتهك حرمة الصوم بالجماع، فقد أهلك نفسه بالمعصية، فناسب أن يُعتِق رقبةً، فَيَفْدي نفسه، وقد ثبت أن: "من أعتق رقبة، أعتق الله بكل عضو منها عضوًا منه من النار"، رواه أحمد (٢).


(١) "المفهم" ٣/ ١٧٠.
(٢) رواه أحمد من حديث أبي موسى الأشعريّ - رضي الله عنه -، وهو حديث صحيح، =