الزبل، ذكره ابن دُريد، وهذا العرق تقديره عندهم خمسة عشر صاعًا، وهو مفسّر في الحديث، وقد تقدّم أن الصاع أربعة أمداد، فيكون مبلغ أمداد العرق ستين مُدًّا، ولهذا قال الجمهور: إن مقدار ما يُدفع لكلّ مسكين من الستين مدٌّ، وفيه حجة للجمهور على أبي حنيفة والثوريّ؛ إذ قالا: لا يُجزئ أقلّ من نصف صاع لكلّ مسكين. انتهى (١).
[تنبيه آخر]: وقع في رواية البخاريّ تفسير العرق، فقال:"والْعَرَقُ": "الْمِكْتَل" - بكسر الميم، وسكون الكاف، وفتح المثناة، بعدها لام - قال في "الفتح": زاد ابن عيينة عند الإسماعيليّ، وابن خزيمة:"الْمِكْتَلُ الضَّخْمُ"، قال الأخفش: سُمِّي المكتل عَرَقًا؛ لأنه يُضَفَّر عَرَقَةً عَرَقَةً، فالعَرَق جمع عَرَقة، كعَلَق وعَلَقَة، والعَرَقة الضَّفِيرة من الْخُوص.
وقوله:"والْعَرَقُ: الْمِكْتَل" تفسير من أحد رواته، وظاهر هذه الرواية أنه الصحابيّ، لكن في رواية ابن عيينة ما يُشعر بأنه الزهريّ، وفي رواية منصور عند البخاريّ:"فَأُتِي بعرق فيه تمر، وهو الزَّبِيل"، وفي رواية ابن أبي حفصة:"فأتي بزَبيل، وهو المكتل"، والزَّبِيل - بفتح الزاي، وتخفيف الموحدة، بعدها تحتانية ساكنة، ثم لام، بوزن رغيف -: هو المكتل، قال ابن دُريد: سُمّي زَبيلًا؛ لحمل الزبل فيه، وفيه لغة أخرى: زِنبيل - بكسر الزاي أوله، وزيادة نون ساكنة، وقد تدغم النون، فتشدَّد الباء، مع بقاء وزنه، وجمعه على اللغات الثلاث زَنابيل.
[تنبيه آخر]: سيأتي في حديث عائشة - رضي الله عنها - الآتي في الباب:"فجاءه عَرَقَان" بالتثنية، والمشهور في غيرها عَرَق، ورجحه البيهقيّ، وجمع غيره بينهما بتعدد الواقعة، قال الحافظ: وهو جمع لا نرضاه؛ لاتحاد مخرج الحديث، والأصل عدم التعدد، والذي يظهر أن التمر كان قدر عَرَق، لكنه كان في عَرَقين في حال التحميل على الدابة؛ ليكون أسهل في الحمل، فَيَحْتَمِل أن الآتي به لَفا وصل أفرغ أحدهما في الآخر، فمن قال: عرقان أراد ابتداء الحال، ومن قال: عرقٌ أراد ما آل إليه، والله أعلم. انتهى.