النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ رَجُلًا أفطَرَ فِي رَمَضَانَ، أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً، أوْ يَصُومَ شَهْرَيْنِ، أوْ يُطْعِمَ سِتّينَ مِسْكِينًا).
رجال هذا الإسناد: ستة:
١ - (عَبْدُ الرَّزَاقِ) بن هَمّام الصنعانيّ، تقدّم في الباب الماضي.
٢ - (ابْنُ جُرَيْجٍ) هو: عبد الملك بن عبد العزيز بن جُريج، تقدّم أيضًا في الباب الماضي.
والباقون ذُكروا قبله.
وقوله:(أَن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ رَجُلًا أفطَرَ فِي رَمَضَانَ إلخ) قال القرطبيّ رحمه الله: هذا متمسّك أصحابنا على أن الكفّارة معلّقة على كلّ فطر قُصِد به هَتْكُ الصيام على ما تقدّم، ووجه استدلالهم أنه علّق الكفّارة على من أفطر مجرّدًا عن القيود، فيلزم مطلقًا، وهذا على قول الشافعيّ في مسألة ترك الاستفصال، فإن قيل: فهذا الحديث هو الحديث الأول، والقضيّة واحدةٌ، فتُردّ إليها، قلنا: لا نسلّم، بل هما قضيّتان مختلفتان؛ لأن مساقهما مختلفٌ، وهذا هو الظاهر، والله تعالى أعلم. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله (١).
قال الجامع عفا الله عنه: الذي يظهر لي أن الأولى حمل هذه الرواية على أن بعض الرواة اختصرها من الرواية الأولى، والقضيّة واحدة، فيتعيّن حملها عليها، فلا يكون الحديث دليلًا على وجوب الكفّارة في غير الجماع، فتنبّه.
وقال في "الفتح": ووقع في رواية مالك، وابن جريج، وغيرهما في أول الحديث:"أن رجلًا أفطر في رمضان، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - … " الحديث، واستُدِلَّ به على إيجاب الكفارة على من أفسد صيامه مطلقًا بأيّ شيء كان، وهو قول المالكية، والجمهور حَمَلُوا قوله:"أفطر" هنا على المقيَّد في الرواية الأخرى، وهو قوله:"وقعت على أهلي"، وكأنه قال: أفطر بجماع، وهو أولى من دعوى القرطبيّ وغيره تعدد القصة، واحتَجَّ من أوجب الكفارة مطلقًا بقياس الأكل على المجامع، بجامع ما بينهما من انتهاك حرمة الصوم، وبأن من أُكره على الأكل