للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الطبريّ من طريق أبي سلمة، عن عائشة - رضي الله عنها - مرفوعًا أيضًا، وفيه ابن لَهِيعة، وهو ضعيف، ورواه الأثرم من طريق أبي سلمة، عن أبيه، مرفوعًا، والمحفوظ عن أبي سلمة، عن أبيه موقوفًا، كذلك أخرجه النسائيّ، وابن المنذر، ومع وقفه فهو منقطع؛ لأن أبا سلمة لم يسمع من أبيه، وعلى تقدير صحته فهو محمول على ما تقدم أوّلًا حيث يكون الفطر أولى من الصوم، والله أعلم.

وأما الجواب عن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس من البر الصيام في السفر"، فسيأتي قريبًا -إن شاء الله تعالى-.

قال الجامع عفا الله: قد تبيّن مما سبق أن الأرجح في هذه المسألة قول من قال: إنه يجوز الصوم والفطر للمسافر، وأن الأفضل منها هو ما كان أيسر عليه، من الفطر، أو الصوم، وقد سبق أنه مذهب عمر بن عبد العزيز رحمه الله، واختاره ابن المنذر رحمه الله؛ لأن الله تعالى شرع الفطر للمرض والسفر بقوله: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] ثم أتبعه بقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥]؛ بيانًا لحكمة تشريع الفطر للأمرين المذكورين، فكلّ ما كان أيسر على المكلّف كان هو محلّ إرادة الشارع الحكيم.

والحاصل أن من كان الصوم أيسر عليه من الفطر في حال السفر، وشقّ عليه قضاؤه بعده يكون الصوم في حقّه أفضل، ومن كان الصوم عليه أشقّ، فالفطر في حقّه أفضل، وكذا من ثقُل على قلبه قبول رخصة الله تعالى، فإن الفطر في حقّه أفضل، وأما من لم يتحقق المشقة، فإنه يخيّر بين الصوم والفطر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في مسافر يدخل يومه في الحضر مفطرًا:

قال في "التمهيد": اختلفوا في المسافر يكون مفطرًا في سفره، ويدخل الحضر في بقية من يومه ذلك، فقال مالك، والشافعيّ، وأصحابهما، وهو قول ابن عُلَيّة، وداود في المرأة تَطْهُرُ، والمسافر يَقْدَم، وقد أفطرا في السفر: إنهما يأكلان، ولا يمسكان، قال مالك، والشافعيّ: ولو قَدِمَ مسافر في هذه الحال، فوجد امرأته قد طَهُرت جاز له وطؤها، قال الشافعيّ: أُحِبّ لهما أن يستترا