للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المخاطبات، وهو "كُنّ"، والثالث: قوله: "أكثر"، و"من" في قوله: "من ناقصات" مزيدة استغراقيّةٌ؛ لمجيئها بعد النفي، ومن ثمّ قيل: "من إحداكنّ"، و"من" فيه متعلّقةٌ بـ "أذهب"، والمفضّل عليه مقدّرٌ، ويحتمل أن تكون "من" بيانًا لـ"ناقصات" على سبيل التجريد (١)، كقولك: رأيتُ منك أَسَدًا، جَرَّدَ من "إحداكنّ" ناقصات، ووصفها بالجمع على طريقة {شِهَابًا رَصَدًا} (٢) [الجن: ٩]، و"أذهب" لمطلق الزيادة، صفة موصوف محذوف، أي ما رأيت أحدًا، و"أذهب" صفة "أحدًا"، و"ذلكَ" إشارة إلى الحكم المذكور، والكاف فيه للخطاب العامّ، وإلا لقال: "ذلكنّ"؛ لأن الخطاب للنساء. انتهى (٣).

(أكثَرَ أَهْلِ النَّارِ) بنصب "أكثر" إما على أن هذه الرؤية تتعدى إلى مفعولين، وإما على الحال على مذهب ابن السرّاج وأبي علي الفارسي وغيرهما ممن قال: إن أفعل لا يتعرف بالإضافة، وقيل: هو بدل من الكاف في "رأيتكن".

وأما قولها: "وما لنا أكثرَ أهل النار؟ "، فمنصوب إما على الحكاية، وإما على الحال (٤).

(فَقَالَتِ امْرَأةٌ مِنْهُنَّ جَزْلَةٌ) - بفتح الجيم، وإسكان الزاي - قال ابن الأثير: أي تامّة الْخَلق، ويجوز أن تكون ذات كلام جَزْل: أي قويّ شديد. انتهى (٥)، وقال القاضي عياض: أي ذات عقل ورأيٍ، قال ابن دُرَيد: الْجَزَالة الْعَقْلُ والْوَقَار، وفي "العين": امرأة جَزِيلة: أي ذاتً عَجِيزة عَظيمة، وأصله: العظيم من كلّ شيء، ومنه: عطاء جَزْل. انتهى (٦)، وقال القرطبيّ: الجَزَالة: الشَّهامة والْجِدَةُ مع العقل والرفق. انتهى (٧).


(١) التجريد: أن يُنتزع من متّصف بصفة آخرُ مثلُهُ فيها مبالغة في كمالها.
(٢) وجهه أنه وصف "شهابًا" وهو مفرد باسم الجمع، وهو "رصدًا".
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ٢/ ٤٦٥.
(٤) "شرح النوويّ" ٢/ ٦٦.
(٥) "النهاية" ١/ ٢٧٠.
(٦) "إكمال المعلم" ١/ ٣٧٨ - ٣٧٩، و"الصيانة" ص ٢٥٨.
(٧) "المفهم" ١/ ٢٦٩.