للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كفرهنّ إحسان الأزواج من الكبائر، أما اللعن فمن أعظم الجنايات القوليّة، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أن لعن المؤمن كقتله، متَّفقٌ عليه، وأما كفرانهنّ إحسان الزوج، فقد كان يمكن أن يقال: ليس هو نفسه السبب في ذلك، بل ما يستصحبه من معصية الزوج ونحو ذلك، لولا تفسيره - صلى الله عليه وسلم - ذلك في الحديث الآخر بقوله: "لو أحسنت إلى إحداهنّ الدهر، ثم رأت منك شيئًا، قالت: ما رأيتُ منك خيرًا قطّ"، متّفقٌ عليه. انتهى (١).

وقال في "الفتح": أي تجحدن حقّ الخليط، وهو الزوج، أو أعمّ من ذلك (٢).

وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى: "العشير" هنا الزوج، يُسمّى بذلك الذكر والأنثى؛ لأن كلّ واحد منهما يُعاشر صاحبه، و"العشير" أيضًا الخليط والصاحب، وقد قال الباجيّ: يحتمل أن يريد به الزوج خاصّةً، ويحتمل أن يريد به كلّ من يُعاشرهنّ، ودليل الحديث خلاف ما قاله من شرحه بمعنى الزوج بعد هذا دون غيره، واستحقاقهنّ النار بكفران العشير وجحد حقّه يدلّ على أنه الزوج؛ لعظيم حقّه عليهنّ. انتهى (٣).

(وَمَا) نافية (رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ) صفة موصوف محذوف: أي ما رأيت أحدًا من ناقصات، قاله الطيبيّ (٤) (عَقْلٍ وَدِينٍ) المراد نُقصان كمالهما، قال الطيبيّ: العقل غريزة في الإنسان، يُدرك بها المعنى، ويمنعه عن القبائح، وهو نور الله في قلب المؤمن. انتهى (٥).

وقال القرطبيّ: والعقل الذي نقصه النساء هو: التثبّت في الأمور، والتحقيق فيها، والبلوغ فيها إلى غاية الكمال، وهنّ في ذلك غالبًا بخلاف الرجال، وأصل العقل: العلمُ، وقد يقال على الهدوء، والوقار، والتثبّت في الأمور، وللعلماء خلاف في حدّ العقل المشترط في التكاليف، ليس هذا موضع ذكره.


(١) "الصيانة" ٢٥٨ - ٢٥٩.
(٢) "الفتح" ١/ ٤٨٤.
(٣) "إكمال المعلم" ١/ ٣٧٩ - ٣٨٠.
(٤) "الكاشف" ٢/ ٤٦٥.
(٥) "الكاشف" ٢/ ٤٦٥.