للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: والدين هنا يُراد به العبادات، وليس نقصان ذلك في حقّهنّ ذمًّا لهنّ، وإنما ذكر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك من أحوالهنّ على معنى التعجّب من الرجال، حيث يغلبهم مَن نَقَصَ عن درجتهم، ولم يَبلُغ كمالهم، وذلك هو صريح قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الرجل الحازم من إحداكنّ" (١). انتهى (٢).

(أَغْلَبَ لِذِي لُبٍّ) أي صاحب عقل، ومنه تكرار النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (٣) قولَ الأعشى في امرأته:

وَهُنَّ شَرُّ غَالِبٍ لِمَنْ غُلِبْ

وقول صاحبة أم زرع: "وَأَغْلِبُهُ، والنَّاسَ يَغْلِبُ" (٤)، وقول معاوية (٥): "يَغْلِبْنَ الكرامَ، ويَغْلِبُهُنّ اللِّئَامُ"، قاله في "الإكمال" (٦).

وقال الطيبيّ: اللبّ: العقل الخالص من الشوائب، وسُمّي بذلك؛ لكونه خالص ما في الإنسان من قواه، كاللباب من الشيء، وقيل: هو ما زَكَى من العقل، وكلُّ لُبٍّ عقلٌ، وليس كلُّ عقل لُبًّا. انتهى (٧).

(مِنْكُنَّ") وفي حديث أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه - عند البخاريّ: "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب لِلُبّ الرجل الحازم من إحداكنّ".

قال في "الفتح": قوله: "أذهب" أي أشد إذهابًا، واللُّبُّ أخص من العقل، وهو الخالص منه، والحازم: الضابط لأمره، وهذه مبالغةٌ في وصفهن بذلك؛ لأن الضابط لأمره إذا كان ينقاد لهنّ، فغير الضابط أولى، واستعمال


(١) راوه البخاري من حديث أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه - (٣٠٤).
(٢) "المفهم" ١/ ٢٦٩ - ٢٧٠.
(٣) أخرجه عبد الله بن أحمد في "المسند" من زياداته (٢/ ٢٠١ و ٢٠٢). قال الحافظ الهيثميّ في "مجمع الزوائد" (٤/ ٣٣١ - ٣٣٢): رجاله ثقات، وصححه العلامة أحمد محمد شاكر في "تحقيقه للمسند" (٦/ ١٠٠).
(٤) هذه الزيادة ليست في رواية "الصحيحين"، بل هي عند النسائي في "الكبرى"، والطبرانيّ، والزبير بن بكار، قاله في "الفتح" ٩/ ٢٦٤.
(٥) ذكره الميدانيّ في "مجمع الأمثال" ٢/ ٤٢٦ غير معزوّ لمعاوية.
(٦) "إكمال المعلم" ١/ ٣٨١ - ٣٨٢.
(٧) "الكاشف" ٢/ ٤٦٥.