٤ - (ومنها): بيان جواز النسخ في شريعتنا، ووقوعه أيضًا، وهو مجمع عليه بين المسلمين، وقد ذكرت ذلك في "التحفة المرضيّة" في الأصول بقولي:
اعْلَمْ بِأَنَّ هَذِهِ الشَّرِيعَهْ … نَاسِخَةٌ لِمَا مَضَى جَمِيعَهْ
صَالِحَةٌ لِكُلِّ وَقْتٍ وَمَكَانْ … تَعُمُّ كُلَّ النَّاسِ أَمْنًا ذَا ضَمَانْ
لِذَاكَ صَارَتْ خَيْرَ شِرْعَةِ السَّمَا … وَأَهْلُهَا الْوَسَطُ تَعْلُو الأُمَمَا
ثُمَّ اعْلَمَنْ أَيْضًا بِأَنْ الأُمّهْ … قَدْ أَجْمَعَتْ عَلَى وِفَاقِ الْحِكْمَهْ
عَلَى جَوَازِ النَّسْخِ مَعْ وُقُوعِهِ … يَمْحُو الإِلَهُ مَا يَشَا مِنْ شَرْعِهِ
يَقُولُ سُبْحَانَهُ "مَا نَنْسَخْ" كَذَا … قَدْ قَالَ "يَمْحُو" خُذْ مِثَالًا يُحْتَذَى
تَحْوِيلَ قِبْلَةٍ وَنَسْخَ عِدَّةِ … وَصَبْرَ وَاحِدٍ لَدَى عَشَرَةِ
وقلت في بيان حكمة النسخ:
فَاللهُ جَلَّ وَعَلَا يَحْكُمُ مَا … يَشَا فَفِي النَّسْخ أَرَادَ حِكَمَا
تَخْفِيفُهُ عَنْ خَلْقِهِ وَتَوْسِعَهْ … كَنَسْخِهِ الأَثْقَلَ قُلْ مَا أَوْسَعَهْ
تَكْثِيرُ أَجْرِ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ يَكُنْ … نَسْخُ الأَخَفِّ أَيْ بِأَثْقَلَ فَصُنْ
وَدَفْعُ حُجَّةِ الْيَهُودِ الْفَجَرَهْ … وَالْمُشْرِكِينَ الظَّالِمِينَ الكَفَرَهْ
إِذْ أَنْكَرُوا النَّسْخَ مِنَ الْقُدْسِ إِلَى … الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَامِلِ الْعَلَا
تَمْيِيزُهُ الْقَوِيَّ فِي الإِيمَانِ … مِمَّنْ هُوَ الضَّعِيفُ فِي الإِيقَانِ
وَالامْتِحَانُ بِكَمَالِ الانْقِيَادْ … مُبَادِرًا لأَمْرِ قَاهِرِ الْعِبَادْ
وَهَذِهِ الْحِكْمَةُ فِي النَّسْخِ تُرَى … قَبْلَ تَمَكُّنٍ مِنَ الْفِعْلِ جَرَى
كَمِثْلِ مَا جَرَى لإِبْرَاهِيمَ فِي … ذَبْحِ ابْنِهِ الْحَلِيمِ ذِي الْعَهْدِ الْوَفِي
ثُمَّةَ ذَا النَّاسِخُ خَيْرٌ مُطْلَقَا … أَخَفَّ أَوْ أَثْقَلَ أَوْ قَدْ وَافَقَا
٥ - (ومنها): بيان أن النسخ قد يكون بالأثقل، فإن صوم عاشوراء يوم واحد نُسخ بصوم شهر رمضان.
٦ - (ومنها): بيان أن لا فرض في الصوم غير شهر رمضان، وهذا مجمع.
٧ - (ومنها): بيان أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان يوافق قريشًا على ما يفعلونه من الخير، كصوم يوم عاشوراء، وكالحج والعمرة.
٨ - (ومنها): بيان أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يوافق أهل الكتاب أيضًا فيما يفعلونه حتى