أُمِر بمخالفتهم، فخالفهم فقد أخرج الشيخان عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يَسْدِل شعره، وكان المشركون يَفْرُقُون رؤوسهم، وكان أهل الكتاب يَسْدِلون رؤوسهم، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء، ثم فرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه.
٩ - (ومنها): بيان مشروعيّة شكر الله تعالى بالصوم لمن حصل له خير من تفريج كرب، أو تيسير أمر.
١٠ - (ومنها): بيان أن ما حصل من النعم للأنبياء السابقين -كنجاة نوح عليه السلام، ونجاة موسى عليه السلام، وغرق فرعون- ينبغي لنا أن نفرح به، ونشكر الله تعالى على ذلك؛ فإنه من جملة النعم الواصلة إلينا بالواسطة، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في صوم يوم عاشوراء:
قال النوويّ رحمه الله: اتَّفَق العلماء على أن صوم يوم عاشوراء اليومَ سنةٌ، ليس بواجب، واختلفوا في حكمه في أول الإسلام حين شُرِع صومه قبل صوم رمضان، فقال أبو حنيفة: كان واجبًا، واختَلَف أصحاب الشافعيّ فيه على وجهين مشهورين: أشهرهما عندهم أنه لم يزل سنةً من حين شُرع، ولم يكن واجبًا قطّ في هذه الأمة، ولكنه كان متأكد الاستحباب، فلما نزل صوم رمضان صار مستحبًّا دون ذلك الاستحباب، والثاني كان واجبًا يقول أبي حنيفة، وتظهر فائدة الخلاف في اشتراط نية الصوم الواجب من الليل، فأبو حنيفة لا يشترطها، ويقول: كان الناس مُفطرين أول يوم عاشوراء، ثم أمروا بصيامه بنيّة من النهار، ولم يؤمروا بقضائه بعد صومه، وأصحاب الشافعيّ يقولون: كان مستحبًّا فصحّ بنيّة من النهار، ويتمسك أبو حنيفة بقوله:"أَمَر بصيامه"، والأمر للوجوب، وبقوله:"فلما فُرِض رمضان قال: من شاء صامه، ومن شاء تركه"، ويحتجّ الشافعية بقوله:"هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب الله عليكم صيامه"، انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى قوّة ما ذهب إله الإمام أبو حنيفة، وسيأتي ترجيحه، والجواب عما تمسّك به الشافعيّة في كلام ابن القيّم رحمه الله.
قال رحمه الله: واختَلَف الناس في يوم عاشوراء، هل كان صومه واجبًا أو