غَدَاءٌ، ولا عَشَاءٌ؛ لأن الغداء نفس الطعام. انتهى (١). (فَقَالَ) الأشعث - رضي الله عنه - (أَوَ لَيْسَ الْيَوْمُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ؟) يعني بذلك أنه يوم صوم، لا يوم أكل (قَالَ) عبد الله - صلى الله عليه وسلم - (وَهَلْ تَدْرِي مَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ؟) أي أيّ شيء حكمه من حيث الصوم والفطر؟ (قَالَ) الأشعث (وَمَا هُوَ؟) أي أيُّ شيء حكمه؟ (قَالَ) عبد الله (إِنَّمَا هُوَ) أي يوم عاشوراء (يَوْمٌ كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصُومُهُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ شَهْرُ رَمَضَانَ) أي وجوب صومط (فَلَمَّا نَزَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ تُرِكَ) المراد ترك فرضيّته، وبقي استحبابه، وليس المراد عدم مشروعيّة صومه أصلًا؛ بدليل الأحاديث السابقة واللاحقة، فتنبّه.
واستُدِلّ بهذا الحديث على أن صيام عاشوراء كان مُفترضًا قبل أن ينزل فرض رمضان، ثم نسخ به، وهذا هو القول الصحيح في المسألة، وقد تقدم البحث في هذا مستوفى، فارجع إليه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.
وقوله:(وقَالَ أَبُو كُرَيْب) محمد بن العلاء شيخه الثاني (تَرَكَهُ) يعني أن شيخيه اختلفا في هذه اللفظة، فقال ابن أبي شيبة:"تُرِك" بالبناء للمفعول، وقال أبو غريب:"تركه" بالبناء للفاعل، والضمير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومعنى الروايتين واحد، وإنما هذا من شدّة عناية المصنّف رحمه الله ببيان اختلاف ألفاظ شيوخه، وإن لم يختلف المعنى، وهذا هو الذي امتاز به على غيره من المصنّفين، فالمحدّثون -رحمهم الله تعالى- وإن كانوا كلّهم يعتنون بمثل هذا، إلا أن المصنّف رحمه الله أشدهم عناية، فلله درّه، ما أشدّ ورعه، وأكثر احتياطه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنف) هنا [٢١/ ٢٦٤٨ و ٢٦٤٩ و ٢٦٥٠ و ٢٦٥١](١١٢٧)، و (البخاريّ) في "التفسير"(٤٥٠٣)، و (النسائي) في "الكبرى" ٢٨٤٣١ و ٢٨٤٤